- كوريا الجنوبية تخصص 3 ملايين دولار لدعم جهود مكافحة تغير المناخ في آسيا الوسطى
- شينجيانغ تطلق خط شحن سككي جديد لدعم التجارة مع آسيا الوسطى
- طاجيكستان والكويت تسعيان لتعزيز التعاون الاقتصادي وتأسيس صندوق استثماري مشترك
- قرغيزستان تفتح أبوابها للسياح الصينيين دون تأشيرة: خطوة لتعزيز السياحة والتعاون الاقتصادي
- أذربيجان وقرغيزستان تعززان الشراكة الدفاعية بتوقيع خطة التعاون العسكري لعام 2025
- دعوات إلى إحلال السلام ووقف الحروب في قمة بريكس في روسيا
- العراق يعزز قدراته الكهربائية باتفاقية جديدة لاستيراد الغاز من تركمانستان
- التوجه التركي الجديد: إعادة تسمية “آسيا الوسطى” بـ”تركستان” وأبعاده الاستراتيجية
- أذربيجان تشارك كضيف في اجتماع وزراء الطاقة لدول آسيا الوسطى في طشقند
- زيادة قياسية في إنتاج حقل تنغيز النفطي بكازاخستان قد تؤثر على التزام البلاد بحصص “أوبك بلس”
- كازاخستان تصارع من أجل توافق إنتاجها مع قيود حصص أوبك +
- السعودية وطاجيكستان تبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك
- في كازاخستان.. اجتماع قمة زعماء آسيا الوسطى يوافق على ثلاث وثائق نهائية
- اتفاق لتعزيز النقل عبر ممر “الشمال – الجنوب” بين إيران وروسيا وكازاخستان
- «شنغهاي للتعاون»… وعالم التعددية القطبية
أردوغان وبوتين: مرحلة ترويض
رستم محمود
في تحولات الاستراتيجية التركية تجاه الدور الروسي في المنطقة، من المؤكد أن الرئيس رجب طيب أردوغان لا يسعى فقط إلى مجرد التوافق مع نظيره الروسي على بعض التكتيكات في المسألة السورية، كدخول الجيش التركي إلى الحزام الحدودي في جرابلس بضوء أخضر روسي، أو السعي لدى روسيا للتخفيف من عقوباتها الاقتصادية تجاه تركيا، فمستوى الحميمية بين الرئيسين، وحجم الاتفاقات الاقتصادية والأمنية، تدل إلى ما هو أعمق بكثير من التوافقات السطحية.
تقوم الرؤية التركية على الاعتقاد بأن المشكلة في إصرار روسيا على مساندة نِظام الأسد وإيران قائمة بالأساس على عدم ثقتها بباقي أطراف المنظومة الإقليمية، التي تراها موسكو موالية وعلى علاقات حميمة مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية؛ وهي بذلك لا تستطيع أن تؤمن شبكة المصالح الروسية الاستراتيجية في المنطقة. وموسكو في سبيل ذلك مستعدة لفعل أي شيء للحفاظ على حلفائها، ليس لثقتها العميقة بهم بل لإدراكها بأن هؤلاء الحلفاء الإقليميين مرفوضون من المنظومة السياسية الأميركية والأوروبية، لذا لا يستطيعون فك روابطهم المتينة مع الجانب الروسي، الذي يبادلهم المنفعة.
تقود هذه القراءة التركية إلى الاعتقاد بأن تأمين مثل تلك الطمأنينة لروسيا ربما تعيدها وتسمح لها بأن تعيد حساباتها تجاه من تعتبرهم شركاء وأنداداً في الراهن، وأن يكون ذلك مفتاحاً لأن تتخلى عن عنادها في مؤازرة نِظام الأسد وإيران بكل هذا الإصرار. تعتقد تركيا بأنها الطرف الأكثر قدرة على تقديم تلك التطمينات لروسيا، لخلافها المتعمق بالتقادم مع الولايات المتحدة من طرف، ولشبكة علاقاتها وتداخلها من التنظيمات والتيارات الإسلامية غير المنضبطة التي تخشاها روسيا من طرف آخر، ولأنها دولة وازنة في المنطقة، تستطيع أن تؤمن ما تتعهد به.
تسعى تركيا لأن تطمن روسيا بأن وجودها في المنطقة استراتيجي بالنسبة إلى تركيا، وأن تركيا تحتاجها في الملف الكردي وفي ضبط أوضاع شرق أوروبا وفي مسألة الغاز والتعاون الاستخباري والاقتصادي، وأن ما تقدمه لموسكو ليس مجرد إغراءات ليحجم عن دعمه نظام الأسد ومن ثم ستتنازل عنه، على ما كانت أطراف من المعارضة السورية تفكر به من قبل.
رؤيتان متباينتان يمكن بناؤهما حول هذا السلوك التركي تجاه روسيا، تذهب المتشائمة إلى القول إن التجربة التركية ستصل إلى حائط مسدود، بالضبط كما جرى مع الولايات المتحدة في مسارها التفاوضي مع روسيا في شأن سورية، وهي الأكثر قوة وقدرة من تركيا على مفاوضة روسيا في هذا المجال، وأن الروس يملكون استراتيجية صلبة ومتكاملة يستحيل تقريباً تغييرها أو التأثير فيها. لكن القراءة تبنى على ذلك بالضبط لتقول أمراً معاكساً تماماً، إذ ترى أن روسيا لم تكن تثق بالجانب الأميركي بالضبط لأنها كانت تعتبره قادراً على التنصل في أية لحظة في ما لو خسرت روسيا ورقتها الأقوى –النِظام السوري- كما حدث في ليبيا، وأن ثقتها بالجانب التركي ستكون أوسع، لأنه غير قادر على فعل ذلك، لأكثر من سبب، أكبره هو قدرة روسيا على توجيه ضربات موجعة لتركيا إذا فعلت ذلك.
ثمة شيء من ذلك تمارسه روسيا تجاه تركيا نفسها، لنفس الموجبات وإن بقراءة معاكسة. تستغل روسيا تدهور الثقة بين تركيا والولايات المتحدة، التي لم تستجب لأي من المتطلبات التركية في سورية، بما في ذلك تلك التي تمس الأمن القومي التركي في شكل مباشر كالملف الكردي. كذلك ترى روسيا أن القوى المناهضة للنفوذ التركي باتت تشكل قوساً كاملاً في محيطها الاستراتيجي، وأنقرة تستشعر تحجيماً متقادماً ليس فقط لنفوذها، بل أيضاً لعلاقاتها السياسية مع محيطها.
ترى روسيا أن تركيا في لحظتها الراهنة أكثر قابلية واستجابة، إن استطاعت روسيا تقديم مستوى من الطمأنينة في شأن الملفات التي تقلقها، وأن تصبح تركيا جزءاً من القسمة التي ترتئيها روسيا في المنطقة، فتغدو تركيا قابلة للاعتراف بالأمر الواقع في سورية، مع شيء من التغيرات الشكلية لحفظ ماء الوجه، والأمر نفسه قد ينطبق في العلاقة مع إيران والعراق وشرق أوروبا والبحر الأسود وتوريد الغاز.
وتسعى روسيا لأن تعي تركيا بأن الولايات المتحدة انسحبت من منطقة الشرق الأوسط، وأن روسيا هي الحاكم الموضوعي لتوازنات القوى في المنطقة، وأن من مصلحة تركيا أن تؤسس لشراكة استراتيجية مع الجانب الروسي، وإن بقسمة غير متساوية بين الطرفين، لأن العصر الأميركي الذي كانت فيه تركيا مدللة ومحمية في شكل مطلق قد انتهى، وأن إصرار الجانب التركي على البقاء على تلك القراءة إنما يضر مصالحها القومية، كما يحدث منذ خمس سنوات وحتى الآن، وأن إعادة تركيا إلى فهمها الصحيح إنما هو من مصلحتها الاستراتيجية.
في مقابل ذلك تسعى روسيا لأن تطمئن تركيا تجاه الكردي والأرمني والعلوي والإيراني والاقتصادي، حيث تستحوذ روسيا على ديناميكيات فاعلة ضمن هذه الملفات. كما أن روسيا تسعى لأن تساهم تركيا في شكل حيوي في إصلاح علاقاتها المضطربة مع مسلمي القوقاز ووسط آسيا.
على ديناميتي الترويض كانت تتجاذب العلاقات الروسية/ التركية خلال الشهور الماضية، ومن المتوقع أن تصل إلى نتيجة واضحة عندما تتوضح استراتيجية الإدارة الأميركية الجديدة تجاه الشرق الأوسط.
الحياة