News

أوزبكستان تتغير … وميرزاييف يراهن على الإصلاح

أوزبكستان تتغير … وميرزاييف يراهن على الإصلاح

شاهر الحاج جاسم
بعدما غيب الموت عام 2016 الرئيس الأوزبكي إسلام كريموف عن حكم استمر قرابة ربع قرن كأول رئيس لأوزبكستان بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، تسلم شوكت ميرزاييف الرئاسة خلفاً له، مثقلاً بملفات داخلية وخارجية تحتاج إلى تغيير مناسب يلائم المرحلة الجديدة إقليمياً ودولياً.
وبعد مرور ما يقارب العام على تسلم ميرزاييف زمام الأمور كرئيس جديد للبلاد عبر انتخابات أجريت في 4 كانون الأول الماضي، هي الخامسة من نوعها في تاريخ هذه الجمهورية الواقعة في قلب آسيا الوسطى، يواجه الرجل اليوم العديد من المهمات والأزمات العالقة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
ويبدو أن المناصب القيادية المهمة الذي تقلدها ميرزاييف خلال الفترة الماضية، تدل على أنه ابن النظام السابق، ويعلم كافة الخفايا وكيفية إدارة البلاد ، خصوصاً أنه سبق أن شغل منصب رئيس الوزراء أثناء حكم الرئيس السابق إسلام كريموف ولفترة طويلة.
ويدرك ميرزاييف الحاجة الملحة إلى إجراء تغييرات جوهرية في هيكلة مؤسسات الدولة، ومحاربة الفساد المستشري، وإصدار قوانين جديدة تصب في دفع عجلة التقدم بالبلاد نحو الأمام. وهو ما دفعه للاعتراف خلال حملته الانتخابية للرئاسة العام الماضي، بغياب الإصلاح عن العديد من المجالات الرئيسية للبلاد، متوعداً في الوقت ذاته ببذل المزيد من الجهود لتحقيق التنمية الشاملة وتفعيل المساءلة القانونية من قبل أجهزة الدولة.
المنظمات الدولية حذرت عشية الانتخابات من انزلاق البلاد نحو الفوضى نتيجة ممارسات قمعية قد تتم للتفرد بالسلطة، ما دعا منظمة هيومن رايتس ووتش إلى حض القيادة الجديدة على اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين سجل البلاد المتدني في حقوق الإنسان والحريات.
في هذا السياق، أطلقت الحكومة الأوزبكية سراح عدد قليل من السجناء السياسيين، ما اعتبره البعض بادرة جيدة يمكن التعويل عليها، حيث تحتل أوزبكستان تصنيفاً سيئاً في مجال الحريات وحقوق الإنسان وفق المنظمات الدولية.
وعلى رغم امتلاك جمهورية اوزبكستان العديد من الثروات الباطنية الهائلة، إلا أنها لم تتمكن حتى الآن من الاستفادة من تلك المقدرات كما فعلت الدول المجاورة لها في آسيا الوسطى.
لذلك يعتبر الملف الاقتصادي من أهم التحديات التي تواجه القيادة الجديدة، وتحاول الحكومة التركيز على القضايا الاقتصادية العاجلة وفق ما تشير التقارير التابعة للمراكز الاقتصادية المتخصصة.
الجدير بالذكر أن أوزبكستان تعتمد في اقتصادها في شكل أساسي على تحويلات العمالة الأوزبكية في الخارج وعلى وجه الخصوص من روسيا، إذ يقدر عددهم بأكثر من مليوني عامل، وبلغت تحويلاتهم في النصف الأول من العام المنصرم نحو 952 مليون دولار.
وتحظى أوزبكستان باستثمارات ضخمة من عدة دول أهمها روسيا والصين وتركيا. لكن بناء على التقارير الاقتصادية للحكومة تستنزف هذه الاستثمارات الاقتصاد الاوزبكي وتصب في صالح الدول المستثمرة مما يؤثر سلباً في النمو الاقتصادي للبلاد.
وعلى الصعيد الإقليمي يحاول الرئيس ميرزاييف تخفيف التوتر مع كل من قيرغيزستان وطاجيكستان بسبب الخلافات المتصاعدة على قضايا كالأمن والطاقة والمياه والحدود المشتركة، وذلك باستئناف المفاوضات ومحاولة تجاوز الخلافات القائمة حالياً، وتوقيع اتفاقيات في مجالات متعددة، مفتتحاً بذلك صفحة جديدة في العلاقات الثنائية إقليمياً.
يسعى ميرزاييف جاهداً ليظهر بصورة الأكثر انفتاحاً عن سلفه كريموف مع مراعاة الوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة في المنطقة، وإيجاد نوع من توازن المصالح بينهم، إضافة إلى الابتعاد من التحالفات العسكرية والاقتصادية، كمنظمة معاهدة الأمن الجماعي.
وفي الملف الديني القضية الأكثر حساسية وخطورة، أعلنت الحكومة الأوزبكية قبل أشهر قليلة حذف أسماء 16 ألف شخص من سجلات الذين لديهم علاقات بجماعات دينية متطرفة، والتي كانت ضمن لوائح الأجهزة الأمنية في البلاد.
وحول ذلك تحدث ميرزاييف، قائلاً: «يجب عدم ترك هؤلاء الأشخاص لمصيرهم، إنما العمل على كسبهم ودمجهم في المجتمع مجددا، وقد وفرنا فرص عمل لقرابة 9 ألاف وخمسمئة من الذين أزيلت أسماؤهم من اللائحة».
كما سمحت السلطات لأول مرة برفع الآذان في المساجد عبر استخدام مكبرات الصوت، بعد انقطاع لنحو 10 سنوات.
يذكر أن القيادة الأوزبكية السابقة والحالية دأبت باستمرار على التأكيد انها الضامن الوحيد لاستقرار البلاد، وأخيراً بدأت تبدي مخاوفها للمجتمع الدولي من عودة مواطنيها المقاتلين في تنظيم «داعش» من سورية والعراق، وبالتالي فإن أي أزمة أو فراغ سياسي قد يحدث، سوف يكون حافزاً لهم للظهور من جديد بفعالية أقوى وأكثر تنظيماً، خصوصاً أنهم يمتلكون خبرات قتالية عالية، إلى الجانب الدافع الديني.
ويرى مراقبون أن مهمة الرئيس الجديد ليست سهلة، في إحداث تغيير يلمسه المواطن الأوزبكي على المدى المنظور لإرث استمر قرابة ربع قرن، لكن من الواضح أن التغيير لا مفر منه ولابد من القيام به.

نقلا عن صحيفة الحياة اللندنية

Leave a Comment