- العراق يطالب إيران بتسهيل مرور الغاز من تركمانستان
- قاسم جومارت توكاييف: تعزيز السيادة والاقتصاد من أولويات كازاخستان
- كوريا الجنوبية تخصص 3 ملايين دولار لدعم جهود مكافحة تغير المناخ في آسيا الوسطى
- شينجيانغ تطلق خط شحن سككي جديد لدعم التجارة مع آسيا الوسطى
- طاجيكستان والكويت تسعيان لتعزيز التعاون الاقتصادي وتأسيس صندوق استثماري مشترك
- قرغيزستان تفتح أبوابها للسياح الصينيين دون تأشيرة: خطوة لتعزيز السياحة والتعاون الاقتصادي
- أذربيجان وقرغيزستان تعززان الشراكة الدفاعية بتوقيع خطة التعاون العسكري لعام 2025
- دعوات إلى إحلال السلام ووقف الحروب في قمة بريكس في روسيا
- العراق يعزز قدراته الكهربائية باتفاقية جديدة لاستيراد الغاز من تركمانستان
- التوجه التركي الجديد: إعادة تسمية “آسيا الوسطى” بـ”تركستان” وأبعاده الاستراتيجية
- أذربيجان تشارك كضيف في اجتماع وزراء الطاقة لدول آسيا الوسطى في طشقند
- زيادة قياسية في إنتاج حقل تنغيز النفطي بكازاخستان قد تؤثر على التزام البلاد بحصص “أوبك بلس”
- كازاخستان تصارع من أجل توافق إنتاجها مع قيود حصص أوبك +
- السعودية وطاجيكستان تبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك
- في كازاخستان.. اجتماع قمة زعماء آسيا الوسطى يوافق على ثلاث وثائق نهائية
إعلان روسيا الانسحاب من سورية … نصر يعادل الهزيمة

د. باسل الحاج جاسم
أنقرة – د. باسل الحاج جاسم
أعلنت روسيا منذ البداية أن تدخلها العسكري في سورية سيكون محدوداً، ولمدة تتراوح بين شهرين وثلاثة. وبعد مضي أكثر من خمسة أشهر على هذا التدخل، أي ضعف المدة التي حددتها لتدخلها العسكري، ظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معلناً بدء الانسحاب، وأن تدخلها العسكري قد حقق معظم أهدافه.
لا بد من التساؤل، عن جدوى الحملة العسكرية التي قامت بها روسيا على مدار ست أشهر؟ وعما يريد بوتين؟ وهل حقق ما يصبو إليه؟
كان الهدف الرئيس من التدخل العسكري الروسي إنقاذ نظام الأسد من السقوط، وإضعاف أعدائه، حيث تمكنت روسيا من إضعاف فصائل الجيش الحر في مناطق شمال سورية، وإلى حد كبير عزلت تركيا عن معظم الشمال السوري، ومكنت ميليشيات كردية انفصالية، من بسط سيطرتها، ونفوذها على مناطق شاسعة لم تكن تحلم بها، تمتد من شرق سورية إلى غربها.
إضافة إلى إنقاذها الأسد، أرادت روسيا ضمان مصالحها، وعرض قواتها العسكرية، واختبارها، إضافة إلى استهداف التنظيمات المتطرفة، بسبب مشاركة المواطنين الروس في نشاطها، كما حاول بوتين ربط تحركاته في سورية بملفات أخرى، مثل، نزاع أوكرانيا، والخلافات مع الاتحاد الأوروبي، والعقوبات الغربية على روسيا.
وينظر البعض على أن التدخل الروسي ساهم نوعاً ما، في تحجيم الدور الإيراني الذي استفرد بالقرار السوري منذ نهايات عام 2012، حيث انعكس الانزعاج الإيراني من التهميش الروسي، بتقارب إيراني مع تركيا، إضافة إلى تصريحات للرئيس الإيراني روحاني تشير إلى عدم رضا إيران عن جميع القرارات التي تتخذها روسيا في سورية، إلا أن كل ذلك لا يرتقي إلى مستوى خلاف روسي – إيراني على أهدافهما في سورية.
ولا يمكن تجاهل حقيقة أن الغارات الروسية في شمال سورية وشمال شرقها، لم توفر أحداً، وقصفت كل ما يمكن قصفه، فالتدخل الروسي، أوجد نوعاً من التوازن العسكري في ميزان القوى بين جميع الأطراف بحيث لا يسمح لأي منها بتحقيق أي انتصار يمكن أن يقلب المعادلة على الأرض السورية.
عملت روسيا بتدخلها العسكري في سورية على تحقيق أهداف جيو – استراتيجية، ونجحت إلى حد كبير فيها، على رغم فشلها في تحقيق بعض تلك الأهداف، وجاء قرار إعلان الانسحاب في ظل انخفاض أسعار النفط الذي ألحق ضرراً كبيراً بالاقتصاد الروسي. وتدرك موسكو أنها تغوص يوماً بعد يوم أكثر فأكثر في التفاصيل السورية التي تتحول إلى مستنقع.
وقلق بوتين من أن أكثر من طرف إقليمي ودولي، يرغب في جعل التدخل الروسي في سورية يتحول مع مرور الوقت إلى استنزاف، إضافة إلى فشله في إخافة الرياض وأنقرة، من مغبة أي تدخل عسكري بري، فروسيا تعلم أن التحالف الإسلامي – العربي العسكري الذي تقوده السعودية في وارد التحضير لشيء ما، وقد يكون أحدها الرد على تمكين روسيا ميليشيات انفصالية كردية من التمدد في مناطق عربية في شمال حلب.
صحيح أن التحركات الأخيرة بين تركيا وإيران لم تتضح معالمها بعد، إلا أن الشيء الأكيد هو أن أنقرة وطهران تضررتا من التدخل الروسي بطريقة أو بأخرى وبات من مصلحتهما التنسيق حول سورية في ما بينهما أكثر.
كما تم دفن استراتيجية بوتين لأنابيب الغاز حول سورية، قبل إعلان الانسحاب الروسي بأسبوع، بعد الموافقة على خط غاز تاناب، والذي ستنضم إليه (آذربيجان، تركمانستان وإيران) لنقل الغاز إلى اوروبا عبر تركيا، وتجاهل المرور عبر الأراضي السورية.
كل ما سبق، ربما دفع بوتين إلى إعلان بدء الانسحاب بعد قرابة ستة أشهر من اطلاق العملية العسكرية الروسية، ليترك الباب مفتوحاً على التكهنات، فيما إذا كان الإعلان الروسي بالانسحاب، مقابل عدم التدخل البري من أطراف أخرى، أو لإتاحة المجال لتدخل بري متوقع، وإفساح المجال أمام حرب برية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، والشيء المؤكد أن أحد أسباب الانسحاب الروسي، تفادياً لمواجهة إقليمية كبرى قد تحدث داخل سورية.
صحيح أن روسيا جاءت إلى سورية بقواتها، لتعزيز سلطة الأسد، إلا أن الأشهر الستة الماضية عكست شيئاً أخر أيضاً، وكان أخطر إنجازاتها إضعاف الجيش الحر، وزرع بذرة مشروع تمزيق سورية في خريطة قصفها الجوي المكثف، حيث رسمت حدوداً جديدة داخل سورية، من خلال دعمها لميليشيات كردية، وجعلتها أمراً واقعاً من خلال سيطرتها على مناطق تقطنها غالبية عربية مطلقة، لتحقيق التواصل الجغرافي الذي تفتقده المناطق التي سبق وكانت تحت سيطرتها، فهي لم تكن تمتلك أي مقومات جغرافية أو ديموغرافية لإقامة أي كيان فيديرالي أو انفصالي، إلا أن ذلك تغير جزئياً بعد التدخل الروسي، وموسكو بذلك ليس فقط تضع حدود تمزيق سورية، وإنما تقوض سلطة الأسد على كامل سورية، والتي جاءت لتعزيزها، إضافة إلى أن قواعدها في اللاذقية وطرطوس استطاعت تأمين وجود مشروع مستقبلي لدويلة علوية أو ما بات يطلق عليه سورية المفيدة.
ويرى مراقبون أن إعلان روسيا الانسحاب، بالتزامن مع بدء مفاوضات جنيف، رسالة إلى الأطراف الإقليمية بالدرجة الأولى التي اعتبرت أن روسيا بتدخلها العسكري، أبعدت الحل السياسي، وعقدت الوضع السوري المعقد أصلاً.
كما أن إعلان الانسحاب جاء بعد مجموعة من الاتهامات لروسيا من منظمات دولية، بارتكاب جرائم ترتقي إلى جرائم حرب، فهي بإعلانها الانسحاب، ترفع يدها ولو «إعلامياً» عما ستقوم به لاحقاً، وهي بكل تأكيد لن تتوقف عن شن الغارات الجوية، بل ستشارك بفاعلية في أي معارك مقبلة خاصة ضد «تنظيم الدولة» ورافضي التفاوض مع الأسد.
الأكيد أن لا أحد على وجه الدقة، يعلم حجم القوات التي أدخلتها روسيا إلى سورية، وبالتالي من الصعب معرفة ماذا ستسحب، أو عن أي انسحاب تتكلم روسيا، ولمعرفة حقيقة إعلانها الانسحاب، لا بد من مراقبة سلوكها في الفترة القريبة المقبلة، حيث سبق أن ظلت روسيا تنفي أي تدخل عسكري لها في شرق أوكرانيا، إلا أنه توضح لاحقاً عن تدخل عسكري روسي كبير، وباعتراف الروس أنفسهم، وفي الوقت الذي كانت الطائرات الروسية تقصف وبكثافة مواقع المعارضة السورية المعتدلة، كانت روسيا تتحدث عن قصف مواقع تنظيم الدولة الإسلامية، لذلك الإعلان الروسي الانسحاب من سورية، يبقى موضع شكوك، إلى حين معرفة سلوكها لاحقاً، لا سيما إعلان بوتين بقاء قوة لحماية قاعدتيه العسكريتين، من دون تحديد حجم هذه القوة، ما يعني أنه انسحب إعلامياً، ليبقى فعلياً.
كما أن روسيا فشلت في خلق أزمة لاجئين لبعض الدول الأوروبية، والتي تتصدر فرض العقوبات على موسكو لموقفها في أوكرانيا، بسبب الاتفاق التركي – الألماني حول اللاجئين السوريين، إضافة إلى فشلها في جعل قوات الأسد تبسط سيطرتها الكاملة على مدينة حلب، والنجاح الكبير الذي حققته برياً، كان في ريف اللاذقية، أما في القلمون ودير الزور وريف حلب بقيت الخريطة العسكرية متشابكة.
إعلان روسيا الانسحاب مع الإعلان عن تحقيق أهدافها جاء بمثابة إعلان نصر باهت، حيث لم يكن هناك نصر عسكري حاسم، والانسحاب هو إعلان للهزيمة، بمقدار ما هو إعلان للنصر، فما حققه بوتين في سورية لا يرتقي إلى الانتصار الذي كان يصبو إليه، مع أنه أعاد روسيا كلاعب بعد عزلتها بسبب أزمة أوكرانيا.
لم يكن في إمكان روسيا أن تحقق أكثر مما حققته في سورية، على اعتبار ذلك يتطلب تدخلاً برياً، لم يوضع بالحسبان، وقرار الانسحاب يعكس عمق مخاوف بوتين من التورط أكثر، وفشل كامل لحملته العسكرية، وخشية تحول سورية إلى افغانستان ثانية.
صحيفة الحياة اللندنيه