News

الاتفاق النووي الإيراني.. هل وهبت أمريكا سوريا لطهران؟

الاتفاق النووي الإيراني.. هل وهبت أمريكا سوريا لطهران؟

الاتفاق النووي الإيراني.. هل وهبت أمريكا سوريا لطهران؟

إسطنبول – علاء رجب تباب
بنهاية رمضان والمشاهدون خلف شاشات التلفزة ينتظرون أحداث مسلسل “باب الحارة”، كانت هناك أحداث تتراءى وبشكل متسارع في مسلسل آخر، سماه محللون بـ”باب المشرق العربي”، إذ أعلنت مجموعة القوى الكبرى 5+1 (الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإضافة إلى ألمانيا) عن التوصّل إلى اتفاقٍ نهائي مع إيران حول برنامجها النووي، والذي ينصّ بدوره على رفع العقوبات الدولية عن إيران، مقابل تخليها عن الجوانب العسكرية لبرنامجها النووي.
فإلى أي مدى يمكن أن تتحول إيران لـ “عكيد” (باب المشرق العربي) في هذا المسلسل الرمضاني الذي فاجأ ساسة المنطقة وتركهم بين متنبئ وحيران ومحلل؟ وما هو الدور الذي لعبته الورقة السوريا في مسار المفاوضات؟ وهل هذا الاتفاق تكتيكي، أم أن إيران وافقت وبكامل قواها العقلية على تدجين المشروع النووي وتحويله إلى عامل بسيط في أزقة المصانع والمعامل الإيرانية؟ وما مدى تأثير هذا الاتفاق على مجريات واقع الحراك الشعبي والنظام السياسي في سوريا، ولما كانت القوى العربية خارج نطاق التغطية السياسية، فآثرت أن تعتكف في محراب المفعول به وليس الفاعل؟

– تأثيرات الاتفاق
يرى أحمد كامل الصحفي المقرب من دائرة اتخاذ القرار في المعارضة السوريا، “أنّ الاتفاق النووي لن يكون له تأثير يذكر على الصعيد الميداني في سوريا، فإيران استنفذت كل طاقاتها في المرحلة السابقة أثناء محاولتها قمع إرادة الشعب السوري الساعي للحرية والانعتاق من نظام الأسد الاستعبادي”.
في الوقت ذاته، توقع على الصعيد السياسي في لقاء خاص أجراه معه “الخليج أونلاين”، “أنّ إيران ستدعو إلى مؤتمرات أخرى كأشباه جنيف وموسكو بغية استنزاف الثورة وتضييع الوقت وإفساح المجال لقوات الأسد ونظامه المجرم للمتابعة في قتل الشعب السوري وتدمير البنية التحتية لسوريا الدولة. فهذه المؤتمرات ستبقى مؤتمرات احتفالية، وشكلية، ولإبراء الذمة. الحلول الحقيقية ستأتي عندما يدخل الثوار لدمشق وترفرف رايات النصر في ساحات الساحل السوري، قبل الانتصار في الميدان وتغيير ميزان القوى، لا أحد يفكر بحل سوري على الإطلاق”.
في السياق ذاته، قال مهند الكطيع الباحث في الشأن السياسي السوري لـ”الخليج أونلاين”، إن إيران بدون شكّ سيتعرقل برنامجها النووي لأكثر من عقدين إذا لم يكن أكثر، والسؤال هل المقابل سيكون فقط رفع الحظر عن المليارات المجمّدة، أم سيكون الثمن حلفاً أمريكياً إيرانياً جديداً يتقاسم النفوذ في المنطقة وخاصة في العراق وسوريا؟
مضيفاً: “أستبعد من ناحية أخرى أي مساس بأمن الخليج بشكل مباشر من قبل إيران، فأي مساس يعني بالضرورة حرباً شاملة في منطقة تمثل المورد الأول للنفط المصدر عالمياً ويدخل المنطقة في أتون صراع سيصعب التكهن بنتائجه. ربما من المبكر التكهن في أبعاد هذا الاتفاق وحدود النفوذ التي سيسمح لإيران إطلاق يدها عبره في دول المنطقة”.
هذا وأضاف أحمد كامل أثناء اللقاء أن “هذا الاتفاق يعني، أنّ دول العالم أعطت بشار الأسد الضوء الأخضر علانية في المواصلة بقتله للسوريين، بعد أن كان يعطيه هذا الضوء من تحت الطاولة”.
متابعاً: “ربما هذا الرخاء الاقتصادي الذي أهداه المجتمع الدولي لإيران، سيفسح المجال أمام إيران للزيادة في تقديم المساعدات المالية لقوات الأسد، وربما تكون أكثر سخاءً في تمويل مليشيات حزب الله وأبو الفضل العباس والمرتزقة الإرهابيين من الأفغان والباكستانيين الذين تسلطهم لقتل الأبرياء بغية تحقيق أهدافها وأجنداتها العسكرية، ومن يعلم ربما تسدد فواتير صفقات أسلحة للنظام من روسيا. لكن كل ذلك بالتأكيد، لن يعيد الأسد بعد سقوطه منذ بداية الثورة السوريا”.

– مواجهة الاتفاق
من جانبه اعتبر البروفيسور لؤي صافي، المفكر السياسي والناطق الرسمي للائتلاف الوطني السوري سابقاً في تصريح خاص لـ “الخليج أونلاين، أن “إيران ستوظف نتائج الاتفاقية النووية مع أمريكا بالقدر الذي تفشل فيه سياسات الدول العربية الداخلية والخارجية”.
وقال صافي: “إن قدرة إيران على التأثير في المنطقة تتعلق باستلاب مواطني الدول العربية واستشراء الفساد في العديد منها، إضافة إلى تأجيج الصراعات البينية بين هذه الدول وغياب التعاون الحقيقي لبناء جبهة قوية أمام التمدد الإيراني. وإن محاولة الصحافة العربية إلقاء المسؤولية على الآخر، هو في حقيقته هروب من هاتين الحقيقتين المرتين”.
أضاف صافي: “المشكلة الأساسية عند العرب اليوم، لا تكمن في محاولة القوى الدولية والإقليمية السيطرة على الساحة العربية، بل بقابلية هذه المجتمعات العربية للخضوع إلى مساعي السيطرة بسبب عطالتها الذاتية. ويؤسفني القول إن التراجع والضعف والاستلاب العربي سيتفاقم ويتأزم ما لم يتم العمل بشكل جاد وصادق والبناء على هاتين الجبهتين”، مضيفاً: “لا أحد يخفى عليه أن الربيع العربي شكل عنصر الأمل في تجاوز الاستلاب والضعف المهيمن على الواقع العربي”.

– قراءات في الاتفاق
هشام مروة، نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري علق لـ”الخليج أونلاين” بقوله: “إن هذا الاستحقاق الذي تمثل في الاتفاق النووي يضع إيران أمام التزامات عدَّة، أولها سحب قواتها من الأراضي السوريا ومن ثم الضغط على النظام الحاكم في دمشق للجلوس على طاولة المفاوضات للوصول إلى حل سياسي مبني على مخرجات جنيف 1، إضافة لسحب يدها من مختلف الصراعات الأخرى بحيث يتحول دورها إلى المكان الذي نرجوه وهو دور الراعي لعملية التحول السياسي الذي تشهدها المنطقة، بهذا سيكون الاتفاق مؤثراً إيجابياً على الوضع السوري”.
وأضاف مروة لـ”لخليح أونلاين”: “نحن واعون تماماً أن إيران كانت تعاني سابقاً من تحديات اقتصادية وسياسية، وعليه فإن توقيع الاتفاق النووي من دون أي شروط متعلقة بدور إيران الإقليمي، في أن تكون شريكاً فعالاً في عملية السلام، أمر يعطيها الفرصة لتستمر أكثر بجرائمها في سوريا، وواعون من جانبٍ آخر أن شعباً ذاق مختلف أنواع العذاب من الإهانة وحتى الكيمياوي مروراً بالصواريخ والبراميل المتفجرة، لن تثنيه قوة نووية أو ذريَّة إذا حاولت أن تصطدم بإرادته”.
وعبر مروة عن أمل السوريين من الاتفاق النووي: “ما زلنا نلتزم القراءة المضيئة للموقف وننتظر من الجانب الإيراني إثبات أحقيته بما وصل إليه، ولا بدَّ أن يفهم الإيرانيون أنهم إذا أرادوا أن يكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع الدولي، عليهم أن يلتزموا بالقرارات الدولية المتعلقة بعدم التدخل العسكري في الدول الأخرى، وأن يشاركوا في صناعة السلام، وفي سبيل ذلك سيحاول الائتلاف التواصل مع حلفائه للضغط على إيران من أجل العمل على ما يُراد منها كشريك راعٍ للسلام لا للحرب”.
في الوقت ذاته استبعد “أحمد كامل” توقف إيران عن مشروعها النووي وتطويعه للمجالات العسكرية، واصفاً موافقتها على تجميد هذا المشروع في المجال العسكري واقتصاره على المجالات الأخرى بـ”بالانتصار”، مضيفاً أن موافقتها على التجميد هو أمر “مؤقت وتكتيكي”. معتبراً أنّ منع إيران من امتلاك السلاح النووري كان يجب أن يكون حاسماً ودائماً وليس مؤقتاً.
وختم كامل لقاءه مع “الـخليج أونلاين” بالقول: “إن الاتفاق يجمد المشروع النووي العسكري لمدة 10 سنوات مقابل رفع العقوبات وتحرير الأموال والاعتراف بإيران كقوة إقليمية، ولكن السؤال الأهم، ماذا بعد السنوات العشر، ماذا سنفعل لإجبارها على التوقيع على 10 سنوات جديدة، وهل سيدفع لها الثمن كل عشر سنين مرة أخرى؟”.

الخليج أونلاين

Leave a Comment