News

الانسحاب البوتيني مصلحة روسيّة

روسيا

روسيا

زيد الأيوبي
أوعز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لوزير دفاعه سيرغي شويغو، بالانسحاب الجزئي للقوات الروسية من سورية، في قرار فاجأ المراقبين والمحللين، لا سيما أنه كان للقوات الروسية وضرباتها دور كبير في تراجع المعارضة السورية وتقدّم الجيش السوري، خصوصاً في الجبهات الشمالية.
وذهب بعض المحللين السياسيين للتمسّك بفكرة وجود خلاف سوري – روسي حول العمليات العسكرية في سورية، ما حدا بالرئيس بوتين الى اتخاذ هذا القرار غير المتوقع.
الانسحاب العسكري الجزئي لروسيا لقي ترحيباً من أطراف دولية عدة، منها الولايات المتحدة وإيران، حتى أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، رأى فيه خدمة مهمة لمفاوضات جنيف لإنهاء الاقتتال في سورية بالوسائل السلمية.
كما أن سالم المسلط، الناطق باسم الهيئة العليا السورية للمفاوضات مع النظام السوري، رحّب بهذا الانسحاب وطالب بترجمة الإعلان بخطوات عملية وملموسة على أرض الواقع.
هذا القرار، وإن كان مفاجئاً للجميع، إلا أن قيصر روسيا درسه جيداً، فروسيا القوة السياسية والعسكرية التي تتحدى التمدّد الأميركي في العالم، ليست جمعية خيرية توزّع المواقف السياسية بالمجان ومن دون مقابل.
روسيا تريد الإبقاء على التحالف مع نظام الأسد، وتسعى الى استمراره وتعزيز قوته على الأرض، فنظام الأسد هو النظام الوحيد الخارج عن طاعة الغرب في المنطقة، ومن دون سورية لا دور لروسيا في الشرق الأوسط.
الورقة السورية بالنسبة الى الروس ورقة رابحة للمناورة مع الغرب حول الأزمات الروسية العميقة في أوكرانيا من جهة، ومن جهة أخرى ورقة سياسية مرتبطة بالضغط الروسي على الغرب لرفع العقوبات المفروضة على موسكو، خصوصاً الاقتصادية.
في السياق نفسه، تريد روسيا الاستفادة من الورقة السورية في العلاقة مع العرب، لأنها في حاجة الى عقود توريد النفط بأسعار تناسبها من الدول العربية النفطية.
القرار البوتيني المفاجئ يرتبط بالأزمات والمصالح الروسية أكثر من ارتباطه بسعي روسيا الى حلحلة الأزمة السورية، فمن خلال هذا الإقرار الانسحابي يرسل الدب الروسي رسائل سياسية في اتجاهات مختلفة، أهمها استعداد روسيا للعب دور إيجابي في إرساء دعائم العملية السلمية في سورية، وهذا الانسحاب يعني أن بوتين يريد دعم المفاوضات السورية لإنهاء الأزمة بالحوار، بعد أن ضمن حل أزماته الروسية أولاً.
بوتين هو المستفيد الأول والأخير من الأزمة السورية. لقد أبدع في استخدام الصراع السوري لمصلحة روسيا، وها هو يحقق ما يسعى إليه.
مقبل الأيام سيشهد رفع العقوبات الغربية عن روسيا وانفراجة في الأزمة الروسية – الأوكرانية، وتحسناً على مستوى الاقتصاد الروسي، إضافة الى توسيع الدور السياسي الروسي في المنطقة والعالم على طريق إعادة حالة الثنائية القطبية، لا سيما أن روسيا لديها حلفاء يشكلون قوى اقتصادية وسياسية على مستوى العالم، وتملك القدرة العسكرية التي تؤهلها لذلك.

Leave a Comment