News

الروس يدفعون ثمن مغامرات الكرملين في سورية

الاقتصاد الروسي

الاقتصاد الروسي

مكسيم بلانت
يجافي الصواب اعتبار أن أحداث الأسبوع الماضي هي شاهد على تضحية السلطات الروسية من جديد بالاقتصاد الروسي في سبيل السياسة. فالسلطة الروسية أطاحت السياسة والاقتصاد والعقل، في سبيل «عقدة» الإمبراطورية.
وفي مطلع الأسبوع الماضي، دارت أوهام بعض المراقبين على أن التورط الروسي في الحرب على الأراضي السورية يرمي إلى إعادة البلاد (روسيا) إلى السياسة الدولية، من طريق المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية». ولكن في نهاية الأسبوع، تبددت كل الأوهام، وسادت الحيرة وفاحت الظنون حول حقيقة ما يجري وكفاءة الإدارة الروسية والتزامها العقلانية. وفي البدء، أمل الروس في أن قصف الطائرات الروسية حلفاء الولايات المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية ناجم عن خطأ أو خداع جنرالات الأسد، وأن المقاتلات الروسية وقعت في خطأ فانتهكت المجال الجوي التركي وصوبت السلاح إلى الطائرات التركية. ولكن السلطات الروسية نفت الخطأ، وأعلنت أنّ نيرانها أطلقت على الإرهابيين الواجب القضاء عليهم، وأن الإرهابيين هم جميع معارضي بشار الأسد الذين حملوا السلاح. وكانت الولايات المتّحدة في وقت سابق من الأسبوع، بحثت في إمكان التنسيق مع الجيش الروسي، ولكن في ختام الأسبوع، بدأ حلف الناتو بالبحث عن سبل مواجهته.
ومن العسير فهم دواعي استفزاز تركيا المتعمد. فقبل بضعة أشهر، كان فلاديمير بوتين وألكسي ميلّر، رئيس شركة الغاز الروسية «غازبروم»، يحلفان بالصداقة الأبدية بين موسكو وأنقرة. واضطرت حينها روسيا إلى التقرب من تركيا، إثر إلغاء بروكسل مشروع «التيار الجنوبي» (ساوث ستريم)، وانتقلت إلى مشروع «التيار التركي». وإذا تخلت موسكو عن هذا المشروع، تعذر نقل الغاز الروسي إلى أوروبا من دون المرور بأوكرانيا. فالطريق الوحيد المتبقي هو «التيار الشمالي» (نورد ستريم). وقدرات هذا الخط ضعيفة ولا تكفي لنقل كميات ضخمة. والاستثمار الروسي في التيار الجنوبي بلغ بلايين الدولارات، وهذه الاستثمارات صارت في مهب الريح. وهدد الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، الأسبوع الماضي، باحتمال رفض أنقرة شراء الغاز الروسي بسبب تدهور العلاقات مع روسيا. ويقول أردوغان «نحن أكبر مشترٍ للغاز الطبيعي الروسي. وخسارة تركيا هي خسارة كبيرة على روسيا. وإذا لزم الأمر، يسع تركيا شراء الغاز الطبيعي من أماكن أخرى. والمسوغات الروسية حول انتهاكات مجالنا الجوي غير مقنعة». وإلى عقد الغاز، قد تفقد روسيا عقد بناء محطات الطاقة النووية في تركيا. والاستفزازات العسكرية الروسية في تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، محفوفة بمخاطر ردّ التحالف بأجمعه.
وذروة الجنون الذي مسّ موسكو طوال الأسبوع الماضي، هي قرار السلطات الروسية الأربعاء مصادرة مدخرات التقاعد، وزيادة العبء الضريبي على قطاع النفط والغاز، والحد من مقايسة المعاشات التقاعدية إلى 4 في المئة. وتضاف هذه الإجراءات إلى أعباء يتحملها دافعو الضرائب الروسية، وتقدر بعشرات الملايين من الدولارات كلفة إطلاق صواريخ الكروز من بحر قزوين على أهداف في سورية. ولا ترتجى فائدة عسكرية من إطلاق صواريخ الكروز. وهي أطلقت في مناسبة الاحتفال بعيد ميلاد بوتين.
والعزاء الوحيد في جنون الحكومة الروسية هذا، هو أنّ بوتين انتقل، أخيراً، من مشروع إنشاء «العالم الروسي»، إلى مشروع «إعادة النظام» في العالم العربي. وهذا عزاء ضعيف. فالروس يسددون من جيوبهم، وهي توشك على النضوب، ثمن مشاريع مثل «العالم الروسي» و «العربي».

موقع «يجيدنفني جورنال» الروسي

Leave a Comment