- كوريا الجنوبية تخصص 3 ملايين دولار لدعم جهود مكافحة تغير المناخ في آسيا الوسطى
- شينجيانغ تطلق خط شحن سككي جديد لدعم التجارة مع آسيا الوسطى
- طاجيكستان والكويت تسعيان لتعزيز التعاون الاقتصادي وتأسيس صندوق استثماري مشترك
- قرغيزستان تفتح أبوابها للسياح الصينيين دون تأشيرة: خطوة لتعزيز السياحة والتعاون الاقتصادي
- أذربيجان وقرغيزستان تعززان الشراكة الدفاعية بتوقيع خطة التعاون العسكري لعام 2025
- دعوات إلى إحلال السلام ووقف الحروب في قمة بريكس في روسيا
- العراق يعزز قدراته الكهربائية باتفاقية جديدة لاستيراد الغاز من تركمانستان
- التوجه التركي الجديد: إعادة تسمية “آسيا الوسطى” بـ”تركستان” وأبعاده الاستراتيجية
- أذربيجان تشارك كضيف في اجتماع وزراء الطاقة لدول آسيا الوسطى في طشقند
- زيادة قياسية في إنتاج حقل تنغيز النفطي بكازاخستان قد تؤثر على التزام البلاد بحصص “أوبك بلس”
- كازاخستان تصارع من أجل توافق إنتاجها مع قيود حصص أوبك +
- السعودية وطاجيكستان تبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك
- في كازاخستان.. اجتماع قمة زعماء آسيا الوسطى يوافق على ثلاث وثائق نهائية
- اتفاق لتعزيز النقل عبر ممر “الشمال – الجنوب” بين إيران وروسيا وكازاخستان
- «شنغهاي للتعاون»… وعالم التعددية القطبية
جملة لم ينطقها الروس
د.باسل الحاج جاسم
أعاد اعتبار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أخيراً، أن إطاحة نظام الأسد بالقوة ستؤدي إلى انزلاق سورية التي تمزقها الحرب إلى مزيد من الفوضى، إلى الأذهان الموقف الروسي من الأسد ونظامه في مجلس الأمن. وقد وجه بوتين رسائل قوية، في كلمة، في منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي قبل أسابيع، وأكد أن بلاده خرجت أقوى من السابق، في مواجهة العقوبات الغربية المفروضة عليها، بسبب أزمة أوكرانيا، وأنها لن تتراجع عن مطلب إنشاء علاقات متكافئة مع الغرب، تحترم مصالح بلاده.
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وانحسار الدور الروسي في المنطقة العربية، لأسباب عديدة، بقي الرصيد الشعبي لروسيا يفرض نفسه على مختلف المجالات والأصعدة في الشرق الأوسط، بشكل أو بآخر، لكن الفيتو الروسي المتكرر في مجلس الأمن حيال الملف السوري نجح في القضاء على كثيرٍ من هذا الرصيد. وعلى الرغم من أن موسكو، اليوم، لم تعد موسكو عاصمة الاتحاد السوفييتي السابق، إلا أن كثيرين اعتبروا خطاب فلاديمير بوتين، في مؤتمر الأمن، في فبراير/شباط عام 2007، عودة موسكو إلى نفوذ الاتحاد السوفييتي ومكانته ضمن موازين القوى الدولية.
وبعد انطلاقة ما سمي ربيع الثورات العربية، ومع عودة بوتين إلى زعامة الكرملين، عاد الخطاب الروسي ليتضمن الشعارات نفسها، لكن هذه الشعارات لم تعد ترتبط بالمحتوى السابق، وإنما أصبحت تحمل مضموناً آخر، تغيب عنه مصالح شعوب المنطقة العربية.
أراد بوتين، بعد وصوله إلى السلطة، الانتقام من الغرب، عندما واتته الفرصة في سورية، فأراد تعويض جميع خسائر روسيا مع الغرب في هذا البلد، والانتقام في كل الملفات الدولية التي كانت في عهد سلفه، بوريس يلتسين، ابتداء من حرب العراق، ومروراً باستقلال كوسوفو، وتوسع “الناتو” إلى دول سوفييتية سابقة، والاقتراب بقواعد عسكرية في المناطق التي كانت تعتبرها موسكو حدائقها الخلفية، وبرنامج الدرع الصاروخية، وصولاً إلى الملف الليبي، بعض تلك الملفات خدع الروس فيها، وبعضها أجبروا ورضخو للأمر الواقع.
ومع بداية أزمة أوكرانيا، وجدت روسيا نفسها في موقف مدافع، والعقوبات الاقتصادية بدأت تكشف أن روسيا لم تكن كما توهمت، وتوهم بعضهم قوة عظمى من جديد، ويؤكد هذا انهيار الروبل السريع، بمجرد أن انضم انخفاض أسعار البترول إلى حزمة العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا.
ووصف رئيس جورجيا السابق، ميخائيل ساكاشفيلي، العدو اللدود لبوتين، الموقف الروسي، عند بداية أزمة أوكرانيا، عندما قال، إن روسيا تريد خداع العالم، كي تظهر في دور لاعب السلام في أوكرانيا، بعد أن نجحت في ذلك في سورية، أي إنها لا تقف مع طرف ضد آخر، وإنما هي على مسافة واحدة من جميع الفرقاء، بينما يتحدث الواقع عن شي آخر، فشلت في ذلك في أوكرانيا، ونجحت، إلى حد كبير، في سورية.
ولا يمكن تجاهل ما ذكره خبراء بارزون، مرات في الأشهر الأخيرة، أن موسكو باتت واثقة من أن نظام الأسد آيل للسقوط، وأنها تبحث عن تخريجة مناسبة، تحفظ لها مصالحها مع الغرب. وتحدث فيودور لوكيانوف، رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية التي تصدرها الخارجية الروسية، قائلاً: “بالنسبة إلى روسيا، انتهى هذا النظام، وموسكو خسرت سورية في الحالين، فحتى لو بقي الأسد في موقعه فترة، بحكم الظروف الدولية، لن يكون في وسع روسيا أن تتعاون معه، وإذا سقط سنخرج من هذا البلد. وما يهم الكرملين، فعلاً، لم يعد محصوراً في سورية، وتمسك موسكو بموقف حازم، له أبعاد أهم من ذلك، ويتعلق بالسياسة الدولية إجمالاً. تريد موسكو في موقفها أن تكون سورية آخر خسائرها بهذه الطريقة، أي ألا يتكرر فقدانها مصالح حيوية في بلدان أخرى، بالطريقة نفسها وعبر مساعدات خارجية”.
وفي السياق نفسه، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن مستقبل العالم يتوقف، في جانب كبير منه، على “كيف تحل الأزمة السورية”. وفي إشارة إلى أن موسكو فتحت باب التفاوض مع اللاعبين الخارجيين حول سورية، أرجع لافروف أحد أهم أسباب التعثر في تنفيذ خطط المبعوثين الدوليين، كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي، في سورية إلى “عدم التنسيق بين خطوات اللاعبين الخارجيين”، وقال إن روسيا تريد التباحث معهم، لتعرف ما إذا كان عدم التنسيق ناتجاً عن عدم وجود المنبر للحوار، أم أنهم يعملون عمداً على إحباط هذه الخطط.
والواضح من ذلك أن موسكو باتت تركز جهودها على توجيه الرسائل في اتجاه “اللاعبين الخارجيين” فقط. كما أنها متطلعة لدور وحصة في اقتسام مغانم الانهيارات بجوارها، وتريد تعويض جميع هزائمها في مواجهة الغرب وأميركا بموقفها في سورية، ويجب ملاحظة تقدم الدور الروسي في مناطق مختلفة بقدر ما يتراجع الدور الأميركي، المرهق بالمسؤوليات والمتاعب الاقتصادية، لا تستطيع روسيا أن تأخذ دور أميركا، لكنها تستطيع أن تقضم من مناطقها، خصوصاً في الشرق الأوسط.
يخشى بوتين من أن يخرجه الغرب من كل مواقع التأثير الجغرافي، هنا وهناك، ويريد الاحتفاظ لروسيا بدور في اللعبة، وقد وجد في سورية فرصته لهذا الدور، كما سبق وفعل ذلك في جورجيا، عندما كان رئيساً للوزراء. وتصادف هذه الأيام مرور سبع سنوات على حرب القوقاز بين روسيا وجورجيا، والتي تركت عبراً كثيرة، إذا ما أسقطناها على الموقف الروسي اليوم حيال سورية.
كانت طبيعة رد الفعل الروسي على جورجيا تحمل بصمات بوتين، رئيس الوزراء الروسي آنذاك، الذي يعتبر باستمرار تفكك الاتحاد السوفييتي السابق هزيمة مذلة، ودأب على اقتناص أي فرصة لإظهار القوة الروسية في أي أزمة، لعلها تعيد إلى موسكو جزءاً من كبريائها التائه، ووجد هذا في الأزمة التي اندلعت عام 2008 بين روسيا وجورجيا بشأن أوسيتيا الجنوبية.
والواضح، أيضاً، أن المقصود من ردة الفعل الروسية القوية، آنذاك، تذكير العالم، لا سيما الدول الغربية، بما حدث في كوسوفو، وخصوصاً الدول التي أيدت استقلال كوسوفو. وللتذكير، أعربت روسيا عن غضبها تجاه منح كوسوفو استقلالها من صربيا، وحذرت من العواقب المترتبة على الاعتراف باستقلالها، وهي لم تعلن أن ما فعلته، في الأزمة الأخيرة، هو ما فعله الغرب نفسه في كوسوفو، لأن ذلك سيضعف من مصداقية إصرارها على أن الدول لا ينبغي أن تقسم من دون اتفاق، إلا أن الكل يدرك أن ما حدث في كوسوفو، لم يكن بعيداً عن تفكير موسكو في الأزمة بشأن أوسيتيا الجنوبية. وبشأن سورية، قالها معظم الساسة الروس: خدعنا الغرب في ليبيا، ولن يتكرر ذلك في سورية.
وأظهر النزاع الروسي الجورجي، أن الغرب لا يزال يجهل كيفية التعامل مع روسيا، فبعض مفردات الحرب الباردة لا تزال تبرز من حين إلى آخر، من دون أن يكون هناك إجماع غربي حول ما يجب القيام به مع روسيا، حيث كانت هناك وجهة نظر المحافظين الجدد الذين ينظرون إلى جورجيا وأوكرانيا مثالاً للدول التي يجب دعمها، على اعتبار أنها رأس رمح في مشروع التغيير نحو الحريات والديمقراطية، وأن روسيا يجب أن تجبر على التغيير، مثلما حدث مع الاتحاد السوفييتي السابق. وهناك وجهة نظر مغايرة ترى أن التعامل مع روسيا بالطريقة التي جرى التعامل بها مع الاتحاد السوفييتي السابق منافٍ للعقل، واعتبر هؤلاء أن حسابات جورجيا حيال أوسيتيا الجنوبية كانت خاطئة، ودفعت ثمن ذلك.
اختبرت واشنطن قوتها في العراق، وأسقطت نظام صدام حسين، لكنها لم تستطع أن تقيم نظاماً مستقراً، تركت الفوضى تلتهمه. تمارس أميركا، اليوم، وجوداً منقوصاً في الأزمة السورية، تؤيد الثورة السورية، ولا تفعل أكثر من ذلك، وقد أغرى هذا الضعف والتراجع أو اللامبالاة موسكو التي جعلها التراجع الأميركي الغربي تشعر أنها لاعب لأول مرة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، فموسكو من خلال النظام السوري عادت فقط في مجلس الأمن إلى حضورها السابق أيام الاتحاد السوفييتي، بحق النقض (الفيتو)، والكل يعلم إذا أرادت واشنطن وحلفاؤها تنفيذ رغباتها، فهي قادرة على تنفيذ ذلك خارج إطار مجلس الأمن، وبعيداً عن الشرعية الدولية. والأهم إعلان موسكو، مرات، أنها ليست حليفة للأسد، وأن موقفها ينحصر في رفض أي تدخل خارجي لإزاحة نظام.
يبقى القول، إن ما ينقص المشاريع كلها، التي تطرح للخروج من المأزق السوري، هو الأداة، لتستجيب موسكو لها وتعين على تنفيذها. وقد تحدث الروس عن معظم الأمور في سورية، إلا أنهم لم ينطقوا بعبارة “إن موسكو لا تمانع في رحيل الرئيس الأسد إذا هو أراد ذلك”.
صحيفة العربي الجديد