- كوريا الجنوبية تخصص 3 ملايين دولار لدعم جهود مكافحة تغير المناخ في آسيا الوسطى
- شينجيانغ تطلق خط شحن سككي جديد لدعم التجارة مع آسيا الوسطى
- طاجيكستان والكويت تسعيان لتعزيز التعاون الاقتصادي وتأسيس صندوق استثماري مشترك
- قرغيزستان تفتح أبوابها للسياح الصينيين دون تأشيرة: خطوة لتعزيز السياحة والتعاون الاقتصادي
- أذربيجان وقرغيزستان تعززان الشراكة الدفاعية بتوقيع خطة التعاون العسكري لعام 2025
- دعوات إلى إحلال السلام ووقف الحروب في قمة بريكس في روسيا
- العراق يعزز قدراته الكهربائية باتفاقية جديدة لاستيراد الغاز من تركمانستان
- التوجه التركي الجديد: إعادة تسمية “آسيا الوسطى” بـ”تركستان” وأبعاده الاستراتيجية
- أذربيجان تشارك كضيف في اجتماع وزراء الطاقة لدول آسيا الوسطى في طشقند
- زيادة قياسية في إنتاج حقل تنغيز النفطي بكازاخستان قد تؤثر على التزام البلاد بحصص “أوبك بلس”
- كازاخستان تصارع من أجل توافق إنتاجها مع قيود حصص أوبك +
- السعودية وطاجيكستان تبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك
- في كازاخستان.. اجتماع قمة زعماء آسيا الوسطى يوافق على ثلاث وثائق نهائية
- اتفاق لتعزيز النقل عبر ممر “الشمال – الجنوب” بين إيران وروسيا وكازاخستان
- «شنغهاي للتعاون»… وعالم التعددية القطبية
سوريا وحرب أنابيب الغاز
جامعة متروبوليتان بودابست
حقل الغاز المشترك ما بين قطر و أيران والذي تمتد مساحته على أكثر 10000 كم مربع، الجزء الأكبر منه (حوالي 6000 كم مربع) يتبع لقطر، حيث يوجد الموقع المعروف “بحقل الشمال” والذي يحتوي على 13 في المئة من احتياطات العالم من الغاز.
الصراعات الطاحنة التي تدور حاليا على الأراضي السورية تعكس بشكل بارز “حرب أنابيب الغاز” التي تدور رحاها منذ سنوات عدة بين أصحاب المصالح الجيوستراتيجية في المنطقة. نتائج هذا الصراع المسلح تعتمد أساسا على النفاذ التدريجي للتوازن الإقليمي، كما نفاذ القوة والنفوذ الدولي في المنطقة.
أما نقاط التصادم الرئيسية له فتنطلق بالدرجة الأولى من المشاريع الضخمة لكل من أيران وقطر، والتي تسعى كلا الدولتين من خلالها ضمان الحصة الأكبر من سوق الغاز الأوروبية. الأفكار الأصلية بهذا الخصوص تنعكس في خريطة نشرت في العديد من الدراسات، والتي تظهر بوضوح بأن سوريا تشكل النقطة الحرجة بالنسبة للأنبوبين المخطط بنائهما من أجل نقل الغاز الناتج عن أهم وأغنى الحقول في العالم، والواقعة على امتداد الخليج العربي.
مشروع خط الغاز القطري الذي ينطلق من الامارات العربية المتحدة مرورا بكل من المملكة العربية السعودية والأردن وسوريا، كان من المفترض أن يصل إلى تركيا من خلال محافظة حلب السورية، وقد أجريت مفاوضات حول ربطه بخط الغاز الأوروبي “نابوكو” من خلال تركيا وبلغاريا.
في عام 2000 تم الإعلان من قبل حاكم الامارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد عن خطة بناء أنبوب نقل الغاز ما بين دولة قطر وتركيا، والذي يبلغ طوله حوالي 1500 كلم. إلا أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2011، وأسباب فنية أخرى استدعت تجميد بدأ العمل بالمشروع لعدة سنوات، إلى أن بدأ إعادة إحيائه من جديد في النصف الثاني من العقد الماضي. التصور الخاص بهذا المشروع، المدعوم من قبل الولايات المتحدة الامريكية والمملكة العربية السعودية وبقية دول المنطقة “ذات الغالبية السنية”، شكّل حساسية بالغة بالنسبة لاحتكار روسيا الاتحادية لتصدير الغاز إلى الدول الأوروبية، كما لكان سيؤدي أيضا إلى إنهاء اعتماد تركيا (التي هي عضوا في حلف الناتو) على واردات الغاز الإيراني، وأيضا سيشكل عارضا امام التصورات والطموحات الإيرانية الخاصة بتصدير الغاز الى دول الاتحاد الأوروبي. في عام 2009 أعلن رئيس النظام السوري عن معارضته لمشروع خط الانابيب الواصل ما بين قطر وتركيا، بينما أعلن عن دعمه التام لمشروع خط الغاز الإيراني “إسلام” الذي سينقل الغاز الإيراني إلى أوروبا، متجنبا الأراضي التركية، أي من خلال كل من العراق وسوريا ولبنان والبحر المتوسط ومن ثم اليونان. في شهر يوليو/ تموز من عام 2011 تم في طهران توقيع اتفاقا مبدئيا بخصوص الجزء الواصل ما بين العراق وسوريا، ويبلغ الطول الكامل لخط الانابيب حوالي 6000 كم، وبهذا سيكون من أطول خطوط الانابيب في المنطقة، وكان من المقرر أن ينتهي بنائه بحلول العام 2018، ولكن الأزمتين السورية والعراقية لم تقفا عائقا أمام إنجازه في الوقت المحدد فحسب، بل وأيضا جعلت عملية تنفيذه بشكل نهائي أمرا غير مؤكد تماما. خط الغاز الإيراني “إسلام” هذا كان ليزيد من النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير، ولذا فأن دول الخليج العربي والأردن وتركيا تحاول عرقلته. بينما روسيا فتدعمه كونه سيقوي من نفوذها داخل أيران، كما أنه سيمنح دورا كبيرا للشركات الروسية خلال عملية البناء. عدا عن ذلك فأنه سوف لن يشكل أي تهديدا لوضع روسيا داخل سوق الغاز الأوروبي بسبب تفاهمات بين البلدين (هناك دراسة مستقلة تفسر تلك التفاهمات). أما فيما يخص خط أنابيب الغاز الأوروبي “نابوكو”، فبما أن النظام السوري أيضا يدعم المشروع الأيراني ويحبذه، فهذا بحد ذاته سيشكل تهديدا لمشروع “نابوكو” الذي كان من ضمن خطته وتوقعاته نقل الغاز المستخرج من المناطق الواقعة بالقرب من بحر قزوين ـ باستثناء أيران ـ ، زائدا الغاز المستخرج في الشرق الأوسط نحو أوروبا. لابد من الإشارة هنا إلى أن تعمق رقعة الخلافات في المصالح هذه قد لعبت دورا أساسيا في تصاعد حدة الصراع داخل سوريا.
خط الغاز العربي:
في “لعبة الغاز” لايزال إلى الآن “خط الغاز العربي”، الذي تم بنائه انطلاقا من منطقة العريش في مصر مرورا بالأردن ليصل في النهاية إلى مدينة حمص السورية، ويبلغ طوله حوالي 1015 كم، لايزال لا يمثل سوى دورا رماديا في هذه اللعبة.
الجزء الممتد داخل الاراضي السورية من خط الغاز العربي توقف عن العمل شبه نهائيا بسبب الاحداث هناك، وهو ما أدى بطبيعة الحال إلى توقف عمل الجزء الواصل إلى الاراضي اللبنانية أيضا، والذي في الأساس لم يكن ينقل الكميات المتوقعة من الغاز. أما فيما يخص الأردن، التي يعتمد فيها قطاع إنتاج الكهرباء بنسبة 80 في المئة على الغاز القادم من مصر، فمنذ بداية أحداث “الربيع العربي” بدأت تلك الامدادات تعاني من الانقطاع المتكرر، وهو ما أثر بشكل سلبي جدا على البلاد، وبسبب عدم القدرة على التنبؤ بمستقبل ضمان وصول الغاز بشكل ثابت ومستمر بدأت الحكومة الأردنية في البحث عن مصادر أخرى للنفط والغاز.
الخطة الأساسية لهذا المشروع هي أن يتم توسيعه من بعد حمص وربطه بخط الغاز الأوروبي “نابوكو” الذي كان من المزمع بناءه داخل الأراضي التركية. كانت هناك خطة طموحة أخرى تتمثل في ربط خط الغاز القطري بخط الغاز العربي عند منطقة حمص، ليرتبطا معا بعد ذلك بخط غاز نابوكو، وقد أبدت الدول الغربية، والدول الحليفة لها في المنطقة دعمها لتلك المشاريع، بينما رئيس النظام السوري فقد عارض تلك المشاريع أيضا. في عام 2013 اعلن الاتحاد الأوروبي عن أيقاف العمل بمشروع نابوكو. بينما خط الغاز العربي فبقي الجزء الذي تم بناءه لحد الآن خارج الخدمة خلال السنوات الأخيرة.
دور احتياطات موارد الطاقة المكتشفة حديثا في سوريا
المنافسة الجيوستراتيجية الجارية في المنطقة إزدادت حدة وتعقيدا بعد الاكتشافات الضخمة للنفط والغاز التي حدثت خلال العقدين الماضيين مقابل الشواطئ السورية الواقعة على الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وكما هو ملاحظ بوضوح في الخريطة أدناه التي تبين توزع “بلوكات” النفط والغاز على الأراضي السورية وفي المناطق البحرية التابعة لسوريا:
روسيا تسعى جاهدة نحو ممارسة نفوذها على صادرات الغاز المنطلقة من منطقة شرق البحر المتوسط نحو دول الاتحاد الأوروبي، والمتوقع أن تبدأ خلال بضعة أعوام. فبعد اتفاقها مع سوريا قامت موسكو في شهر حزيران/ يونيو من عام 2016 بعقد اتفافية مع الحكومة اللبنانية حول استكشاف الحقول البحرية. كما تجري الحكومة الروسية مباحثات مع إسرائيل لنفس الغرض.
لازال من غير المعروف بعد، في حال نجاح تلك الاستكشافات البحرية، كيف سيتم الاستفادة منها، فالأمر في النهاية يعتمد على الازمة المتفاقمة التي تعيشها سوريا من جميع جوانبها العسكرية والسياسية والاقتصادية. لكن مع ذلك فقد قامت الحكومة السورية في شهر ديسمبر/كانون الأول من عـام 2013 بمنح شركة الغـاز الروسيـة (Szojuznyeftyegaz) امتيازا مدته 25 عاما لاستكشاف واستخراج النفط والغاز في جزء من المياه الاقليمية للبحر المتوسط التابعة للدولة السورية ـ حدودها لازالت موضوع جدال مع الدول المجاورة ـ، والذي تصل مساحته الى حوال 2000 كم مربع، إلا أن الشركة المذكورة لم تباشر العمل بعد في هذا المشروع بسبب الحرب الدائرة في سوريا. هذا الاتفاق يبين بأن الحكومة السورية تمنح دورا قياديا للدولة الروسية في إعادة بناء قطاع الطاقة في البلاد. ما عدا عن ذلك فالأهمية الجيوستراتيجية لسوريا تبرز أيضا على المستوى الاقليمي بسبب الاحتياطات الضخمة من موارد الطاقة على أراضيها اليابسة أيضا والتي تقدر بحوالي 2,5 مليار برميل نفط و 241 مليار متر مكعب من الغاز، إضافة الى الاحتياطات الضخمة من الزيت الصخري والتي تقدر بحوالي 56 مليار متر مكعب من الغاز و 37 – 50 مليار برميل نفط. الحقول الأخيرة تقع على بعد 100 كم جنوب شرق مدينة حلب. بينما في عام 2015 فتم اكتشاف حقول هامة بالقرب من كل من حمص و طرطوس. أما في خريف عام 2015 فأعلن عن اكتشاف مخزون كبير من النفط على أراضي هضبة الجولان المحتلة من قبل إسرائيل. كما هو ملاحظ في الخارطة أعلاه فالجزء الأكبر من حقول النفط والغاز في سوريا تقع في وسط وشرق البلاد، اي في المناطق المتضررة بشدة من جراء القتال الدائر هناك، وأصبحت تلك الحقول في بداية الأزمة تحت سيطرة القوى المناوئة للنظام .. والمتنافسة فيما بينها، وازدادت حدة السباق للسيطرة على تلك الحقول بعد قرار الاتحاد الاوروبي (الغير مدروس) عام 2013 برفع الحصار عن قطاع النفط السوري.
ما يمكن استنتاجه في الخلاصة هو أن قطاع النفط والغاز في سوريا قد تأثر بشكل “كارثي” خلال الأعوام الستة الأخيرة، وبالأخص الدمار الكبير الذي أصاب التجهيزات والمعدات الضخمة التي كانت تستخدم في استخراج ونقل وتكرير وتصنيع النفط والغاز، والتي سيكلف باهضا إعادة تأهيلها من جديد إذا ما انتهت الحرب.
كما الأمر بخصوص أنابيب النفط والغاز، فمستقبل قطاع النفط بأكمله في المنطقة بشكل عام وفي سوريا على وجه الخصوص لازال غير واضح الملامح في ضوء ما يجري على أرض الواقع من تضارب في المصالح السياسية والجيوستراتيجية.
د. سامر زعيّن