News

عام بعد القرم… «صعود» الصين

القرم

القرم

فيودر لوكيانوف
حين ضمّ القرم ومدينة سيفاستوبول الواقعة في أوكرانيا الى روسيا في العام الماضي، اعتبر كثر أن هذه الحادثة هي منعطف في السياسة الروسية والسياسة العالمية. ورسمت موسكو للغرب خطوطاً حمراء يحظّر تخطّيها. وشهد العام المنصرم تغيرات كثيرة لا بد من الإشارة إلى أهمّها. أولاً، رجحت كفة المبادرة السياسية على كفة الجدوى الاقتصادية، والقرارات الروسية والغربية في 2014 هي دليل على ذلك. فبرز معيار جديد في اتخاذ القرارت: الأمن وما تقتضيه ضرورة الدفاع عن المصالح الاستراتيجية والكرامة الوطنية. وثانياً، صيغ مفهوم السيادة من جديد. واندثرت أوهام العقود السابقة التي رأت أن سيادة الدول في حقبة العولمة لن تعود جزءاً من منظومة الحكم العالمية. وثالثاً، أثبتت أحداث 2014 أنّ فكرة سمو الاندماج الاقتصادي على الخلافات السياسية، أفلت وصارت بائتة: إذا نشب خلاف سياسي قوي، يتحول الاقتصاد من عامل مشترك إلى أداة صراع.
ورابعاً، بعد مرور عام على ضمّ القرم، تغيرت موازين القوى في العالم، وتغيرت العلاقة بين روسيا والاتحاد الأوروبي تغيراً لا عودة عنه ربما. وطوال عقدين، استمر برنامج «الشراكة الاستراتيجية» بين أوروبا وروسيا، ولكنه انهار على وقع الأزمة في أوكرانيا.
وأخيراً، التغيّر الدولي الأكثر أهمية برز في بلد غير متورط بالأزمة الأوكرانية، وهو الصين. إذ تزامن النزاع حول أوكرانيا بين روسيا من جهة، والاتحاد الأوروبي والولايات المتّحدة، من جهة أخرى، مع إعلان بكين عن مبادرة من نوع آخر، ولكنها تدور في المجال الجغرافي نفسه. فمبادرة الزعيم الصيني، شي جينبينغ، الرامية الى إنشاء حزام اقتصادي، «طريق الحرير» (في خريف 2013)، تزامنت مع قرب الاشتباك بين روسيا والغرب. ونأت الصين بنفسها عن التنافس، وقدمت مشروعاً يلتفّ على المشاريع الأخرى أو يبتلعها، في وقت لا تستطيع قوة أن تنافسها على صعيد الموارد التي تتمتع بها. فعلى خلاف اللاعبين السياسيين الغربيين والروس، تقدّم الصين «أموالاً حقيقية» وتلتزم «حياداً سياسياً». ولا شك في أن بروز قوة الصين وريادتها في المجال الأوراسيوي، هما النتيجة الأبرز والمفاجئة التي ترتبت على الأزمة في أوكرانيا، والتي ستلقي بظلالها على روسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتّحدة.

«روسييسكايا غازيتا» الروسية

Leave a Comment