News

عيد النصر في موسكو أداة سياسية

ساحة النصر في موسكو

ساحة النصر في موسكو

أندريه سينيتسين
مع اقتراب موعد عيد النصر في 9 أيار (مايو)، تعاظم توتر الكرملين وصار شاغله عدد الزوار المتوقعين. وعلى رغم تصدر أولوياته مشاركة أوسع عدد من القادة الدوليين، اعتبر الكرملين أن كل رفض للمشاركة والحضور يصب في مصلحة روسيا. وعلى سبيل المثل، ليس تغيّب الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، بالكارثة، فهو ينظم عرضه العسكري في مينسك. ولا بأس بعدم حضور زعماء الدول الحليفة في الحرب، في وقت «يقود الغرب اليوم حملة مناهضة لروسيا ويحاول تحريف التاريخ وكتابته من جديد». وأعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إرسال دعوات إلى 68 رئيس دولة، وإلى الأمم المتحدة واليونيسكو ومجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي.
وأعلن مساعد الرئيس الروسي عشية الاحتفالات بعيد النصر أن 27 من ممثلي الدول، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتّحدة والــيونيســـكو أكدوا مشاركتهم.
ويضطر المرء للتوسع في تفاصيل ما تعنيه المشاركة في الاحتفالات التي تستمر من 8 إلى 10 أيار. ولا يعتزم جميع الزوار المشاركة في العرض العسكري (9 أيار). وبدأت الاحتفالات في 8 أيار بلقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالزعيم الكوبي راوول كاسترو، وتنتهي في 10 أيار بوضع إكليل ورد على نصب الجندي المجهول بمشاركة المستشارة الألمانية أنغيلا مركل التي تزور روسيا في العاشر من هذا الشهر لتجنب حضور العرض العسكري. ويزور موسكو، في التاسع من أيار، الرئيس التشيخي ميلوش زيمان ورئيس الحكومة السلوفاكي روبرت فيتسو. ولكنهما لن يقصدا الساحة الحمراء، بل يجريان محادثات فحسب.
ولائحة الحضور على حالها تقريباً منذ خمسة أعوام. ففي الأعوام السابقة شارك 25 زعيم دولة (حاضراً وسابقاً)، ولم يحضر العرض زعماء الولايات المتّحدة وإيطاليا وفرنسا. وحينئذ لم يكن هذا الأمر يقلق بال موسكو. لكن اليوم، يُقابل عدم حضور زعماء الغرب بموقف بالغ الحدة. لماذا؟ لأن روسيا، في العام المنصرم إثر ضمّ القرم، حولت عيد النصر من ذكرى إلى أداة سياسية. طبعاً، ليس من الصواب البحث عن المنطق السليم في البروباغندا التي تسمي ما ترتكبه روسيا في أوكرانيا بمعركة ضد «انبعاث الفاشية»، ولسان حالها أنها لن تسمح بإحياء الفاشية التي انتصرت عليها في الحرب الوطنية العظمى.
وعلى رغم أنّ أوكرانيا كذلك انتصرت على الفاشية، شأن بيلاروسيا (روسيا البيضاء) وطاجيكستان وغيرهما من الجمهوريات السوفياتية السابقة، فضلت البروباغندا عدم إلقاء الضوء على هذه الحقائق.
وبروباغندا النظام الروسي تستغل النصر في الحرب العالمية الثانية لتسويغ حربها الحالية (على رغم كل الإنكار الرسمي لوجود هذه الحرب). والروس أمام «خلط الحقائق التام» ما بين الخطاب السائد لوصف ذكرى الـ70 للحرب الوطنية العظمى (النصر على النازية) وبين ضم شبه جزيرة القرم وإنجازات الانفصاليين في دونباس – وهي صفعة روسية تلقتها أميركا.
وثمة ظاهرة أخرى بدأت بالانتشار: التسامح مع أفعال السلطات السوفياتية، وعلى رأسها ارتكابات ستالين بذريعة أنها قادت البلاد إلى النصر في الحرب الوطنية العظمى. واليوم يكاد التاريخ يعيد نفسه: تخفي موسكو سياساتها العدائية خلف ستار النصر السابق. ونتساءل بعدها لماذا لا يشارك الزعماء الغربيون في العرض العسكري؟ ولا يغرد خارج سرب المقاطعة الغربية غير أنغيلا مركل. فهي زعيمة البلد الذي نشأت فيه النازية، وهي ديبلوماسية محنكة لا تفوّت فرصة لإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع روسيا على رغم الأزمة، وهي تقدم مثالاً على التمييز الواضح ما بين إحياء ذكرى النصر عبر وضع إكليل على ضريح الجندي المجهول، وبين التبجح بالدبابات والصواريخ في الساحة الحمراء الذي لا يمت بصلة إلى هذه الذكرى.

«فيدوموستي» الروسية

Leave a Comment