- كوريا الجنوبية تخصص 3 ملايين دولار لدعم جهود مكافحة تغير المناخ في آسيا الوسطى
- شينجيانغ تطلق خط شحن سككي جديد لدعم التجارة مع آسيا الوسطى
- طاجيكستان والكويت تسعيان لتعزيز التعاون الاقتصادي وتأسيس صندوق استثماري مشترك
- قرغيزستان تفتح أبوابها للسياح الصينيين دون تأشيرة: خطوة لتعزيز السياحة والتعاون الاقتصادي
- أذربيجان وقرغيزستان تعززان الشراكة الدفاعية بتوقيع خطة التعاون العسكري لعام 2025
- دعوات إلى إحلال السلام ووقف الحروب في قمة بريكس في روسيا
- العراق يعزز قدراته الكهربائية باتفاقية جديدة لاستيراد الغاز من تركمانستان
- التوجه التركي الجديد: إعادة تسمية “آسيا الوسطى” بـ”تركستان” وأبعاده الاستراتيجية
- أذربيجان تشارك كضيف في اجتماع وزراء الطاقة لدول آسيا الوسطى في طشقند
- زيادة قياسية في إنتاج حقل تنغيز النفطي بكازاخستان قد تؤثر على التزام البلاد بحصص “أوبك بلس”
- كازاخستان تصارع من أجل توافق إنتاجها مع قيود حصص أوبك +
- السعودية وطاجيكستان تبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك
- في كازاخستان.. اجتماع قمة زعماء آسيا الوسطى يوافق على ثلاث وثائق نهائية
- اتفاق لتعزيز النقل عبر ممر “الشمال – الجنوب” بين إيران وروسيا وكازاخستان
- «شنغهاي للتعاون»… وعالم التعددية القطبية
قيرغيزستان تغرد خارج السرب السوفياتي
شاهر الحاج جاسم
منذ أن نالت جمهورية قيرغيزستان استقلالها، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي أواخر القرن الماضي، حاولت التغريد خارج سرب نظيراتها الدول السوفياتية السابقة، بالاتجاه نحو نموذج ديموقراطي مشابه للغرب، إلا أن مخاض هذه التجربة كان عسيراً خلال السنوات الماضية، ولا يزال أمامها إرث من التحديات الداخلية والخارجية.
منذ تسعينيات القرن الماضي، يحاول القرغيز بكل إصرار وتصميم السير نحو نظام ديموقراطي يتسم بالعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، عنوانه سلطة القانون فوق الجميع.
تلك المحاولات لم تكن سهلة، فقد مرت قيرغيزستان بصعوبات جمة، وعلى وجه الخصوص الصراع العرقي بين الأوزبك والقرغيز في جنوب البلاد عام 2011، والذي لا تزال أثاره واضحة حتى الآن، بالرغم من الجهود المبذولة من قبل الحكومات المتعاقبة لرأب الانقسام الحاصل الذي أظهر مدى هشاشة المجتمع المدني، والدولة القيرغيزية كنظام متماسك في وجه الصراعات الداخلية.
تعرضت قيرغيزستان لثورتين، في حالة فريدة من نوعها بين دول المنطقة في آسيا الوسطى، حيث انتهت بإسقاط كل من الرئيسين اسكار أكاييف وكرمان بيك بكاييف، نتيجة تفشي الفساد في مفاصل أجهزة الدولة والمحسوبية والفقر، بالتزامن مع رغبة الأخيرين بتكرار السيناريو المتعارف عليه في هذه المنطقة، وهو البقاء في السلطة الى الأبد.
التطلعات القيرغيزية لم تكن موضع ترحيب من قبل الأنظمة المجاورة، لا سيما ممارسات القوة المفرطة لحكام هذه المنطقة في توطيد السلطة لأنفسهم ولأبنائهم من بعدهم عبر طرق وأساليب مختلفة.
ما دفع الرئيس القيرغيزي السابق، الماز بيك أتامباييف، الى التحدث علناً خلال مقابلة صحافية العام الماضي، قائلا: «المنطقة لا توافق على طريقنا المختار للديموقراطية البرلمانية. إنهم لا يحبون أن يروا رئيس قيرغيزستان قد قرر أن يكون في منصبه لفترة واحدة فقط. يعتقد بعض القادة أننا نقدم مثالاً سيئاً لشعوبهم».
فقد سعت بشكيك للتأكيد في الآونة الأخيرة، أمام المجتمع الدولي، أنها دولة ديموقراطية ذات نظام سياسي مستقر، واقتصاد يحاول النمو بأسس ومعايير ثابتة رغم الصعوبات، مطالبة في الوقت ذاته المجتمع الدولي عموماً والأوروبي خصوصاً، بالوقوف عند مسؤوليته في تقديم الدعم الكامل واللازم لمواصلة الإصلاح نحو نظام ديموقراطي.
كما انتقدت روزا أتومبايفا، رئيسة الحكومة الانتقالية السابقة آنذاك، عقب إسقاط كرمان بيك بكاييف من الحكم عام 2010، التعاطي الغربي مع قيرغيزستان، قائلة: «لم يساعدنا أحد من الولايات المتحدة أو الغرب، لقد أظهروا اللامبالاة تجاهنا». وأضافت: «أفترض أنه ليس لدينا نفط أو غاز. أو نحن أصغر من أن تكون لنا أهمية».
في هذا السياق، لطالما وجهت كل من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، مراراً وتكراراً انتقادات للدول السوفياتية السابقة وبالتحديد دول آسيا الوسطى، بشأن الحريات وحقوق الإنسان والتضييق على حرية وسائل الإعلام، واعتقال الناشطين في شكل تعسفي.
حيث يعتقد بعض الخبراء، أن الغربيين يراهنون على الإصلاح الاقتصادي في دول آسيا الوسطى وأن الانفتاح نحو الخارج، قد يكون كفيلاً بتغير سلوك أنظمة الحكم الى أنظمة ديموقراطية بشكل سلمي مع مرور الوقت، إلا أن المؤشرات الاقتصادية تشير الى نتائج عكسية، لا سيما انخفاض أسعار النفط عالمياً في ظل الاعتماد الكلي لدول هذه المنطقة على مصادر الطاقة الضخمة.
كما أن انتشار الفساد وعدم وضوح رؤية اقتصادية مناسبة للمرحلة، تركا أثراً سلبياً على الحياة المعيشية للسكان، وهو ما قد يفجر أزمة احتجاجية في أي لحظة لتنتج عنها فوضى عارمة وتخلق بيئة مناسبة لظهور الحركات المتطرفة، وبالتالي أي تغير مفاجئ يثير قلقاً ومخاوف لدى الغرب.
كما ان الهاجس الأميركي من الإسلام الراديكالي، جعل أميركا ترتكز في شكل كبير على الدعم العسكري لأنظمة هذه الدول، وغض الطرف عن الانتهاكات القمعية التي تسجلها المنظمات الدولية، بالرغم من توجيهات الدبلوماسيين، ومراكز الدراسات بالتوجه نحو الدعم المالي لتحسين التنمية الاقتصادية، وهو ما يتيح إيجاد بيئة معيشية مناسبة لشعوب هذه المنطقة تبعدهم من الانتماء الى الحركات والأحزاب المتطرفة.
في السياق نفسه، تعد قيرغيزستان ثاني أفقر دولة في آسيا الوسطى، وهو ما يجعلها ترضخ لبعض القيود أو تنضم الى تحالفات سياسية أو اقتصادية، تخالف توجهاتها نحو نظام ديموقراطي حر، لا سيما السيطرة الروسية المتزايدة على المؤسسات الحيوية للدولة، كما تقدر قيمة التحويلات المالية للعمالة القيرغيزية في روسيا بنحو 40% من الناتج الإجمالي المحلي.
يبقى القول، إن العامل الاقتصادي هو أحد التحديات المهمة التي تشكل عقبة أمام استقلالية القرار لقيرغيزستان وشعبها داخلياً ودولياً، ولا بد لها من الاعتماد على القدرات الذاتية للبلاد، وفتح جسور التعاون الاقتصادي مع دول العالم بفعالية أكبر، بالإضافة الى محاربة الفساد الذي أرهقها خلال العقود الماضية.
نقلا عن صحيفة الحياة اللندنية