كازاخستان تستعرض فرص الاستثمار العالمية 2024

د.باسل الحاج جاسم

تميزت جمهورية كازاخستان منذ منذ استقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي بالاستقرار السياسي، فهي الدولة الوحيدة في فضاء ما بعد الاتحاد السوفياتي التي لم تشهد عنف عرقي أو اثني، و تمثل نموذج للتعايش السلمي بين مختلف الاعراق و الاثنيات، و أثبتت جدارتها في حل أزمات دولية، فكانت وساطتها ناجحة خلال الأزمة بين تركيا وروسيا عام 2016 بعد إسقاط تركيا طائرة روسية، قالت إنها اخترقت اجوائها.

و في نفس سياق الاستقرار السياسي هناك ازدهار اقتصادي جعلها وجهة استثمارية مفضلة، وفي مسعى لتعزيز دورها كمركز إقليمي للاستثمار، استضافت العاصمة الكازاخية آستانة في الأول من نوفمبر فعاليات منتدى الاستثمار العالمي (KGIR-2024) بمشاركة قيادات دولية ومستثمرين كبار.” لمناقشة فرص الاستثمار المتاحة والتحديات الاقتصادية والبيئية في البلاد.

سعت كازاخستان من خلال هذا المنتدى إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا النظيفة.

وفي كلمته الافتتاحية، أشار رئيس الوزراء الكازاخي إلى نجاح كازاخستان في جذب استثمارات بقيمة 14 مليار دولار في النصف الأول من العام، وذكر أن الحكومة تطمح للوصول إلى 150 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية بحلول 2029. وأكد أن البلاد قامت بإصلاحات تهدف إلى تقليص القيود التنظيمية على الأعمال التجارية، كما تم توقيع ستة اتفاقيات استثمارية بقيمة 1.5 مليار دولار تضمن استقرار التشريعات لمدة تصل إلى 25 سنة، مما يتيح للشركات الأجنبية العمل بثقة على المدى الطويل.

تخللت الجلسات مناقشات موسعة حول قضايا هامة، منها تطوير البنية التحتية المستدامة والتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، وقد برزت مشاركة شركة توتال إنرجي الفرنسية بمشروع استثماري ضخم بقيمة 1.3 مليار دولار لإنشاء محطة رياح بقدرة واحد جيجاواط، كأحد أهم المشاريع التي ستصبح رائدة في مجال الطاقة النظيفة في المنطقة. كما شدد ممثلو البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية على أهمية تطوير المدن الكازاخية لتكون صديقة للبيئة، مع تعزيز الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية لتخطيط المدن.

ومن بين الاتفاقيات الأخرى، تم التأكيد على أهمية دعم مشروعات المعادن والموارد الطبيعية، في إطار شراكة قوية مع الاتحاد الأوروبي، حيث تتطلع كازاخستان إلى تعزيز التعاون في مجال المعادن الاستراتيجية، خصوصًا مع موقعها الجغرافي الذي يربطها بأهم الكتل الاقتصادية في العالم.

عكست الطاولة المستديرة توجهات كازاخستان نحو التحول الرقمي والتنمية المستدامة، كما أثنى المستثمرون على البيئة الصديقة للأعمال التي توفرها البلاد ودورها المحتمل كمركز إقليمي للخدمات المالية والاستثمارية في آسيا الوسطى.

في الختام، يمكن القول إن كازاخستان أثبتت قدرتها على جذب الاستثمار العالمي من خلال سياساتها الاقتصادية المتطورة وموقعها الاستراتيجي الذي يربط آسيا بأوروبا، فضلاً عن ثرواتها الطبيعية وتنوع قطاعاتها الاقتصادية. تعد البيئة الاستثمارية في كازاخستان مواتية بفضل الإصلاحات الحكومية التي تعزز الشفافية وتسهّل مناخ الأعمال، مما يجعلها وجهة جذابة للمستثمرين الدوليين. ومع استمرار التزام الدولة بتحسين مناخ الاستثمار وتطوير البنية التحتية، يتوقع أن يشهد الاستثمار الأجنبي في كازاخستان مزيدًا من النمو والازدهار. هذا النمو لا يسهم فقط في تعزيز الاقتصاد الوطني، بل يساعد أيضًا على تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التعاون الدولي، مما يضع كازاخستان على مسار اقتصادي صاعد يسهم في تحقيق رؤيتها الاقتصادية الطموحة.