News

ما علاقة “قوات سوريا الديمقراطية” بالملوخية

جمال قارصلي

جمال قارصلي

جمال قارصلي / نائب ألماني سابق من أصل سوري

بالملوخية ؟ … نعم بالملوخية ! وما هو مكتوب هنا, عزيزي القاريء, ليس ناجما عن خطأ مطبعي أو زلة قلم, بل المقصود هنا حقا هي الملوخية, أي الملوخية الخضراء التي يتم طبخها مع اللحمة أو مع الدجاج أو ما يسمى في مصر بالفراخ وفي الكويت بالدياي.
ربما يظهر هذا السؤال وللوهلة الأولى وكأنه غير جدي, أو ربما كاتب هذه الأحرف أخذ عليه شهر الصيام, وذلك بسبب طول النهار في ألمانيا, ولهذا أصبح “يخربط” فيما يكتب أو يقول.
في الحقيقة علاقة “قوات سوريا الديمقراطية” بالملوخية تشبه علاقة الجيش بالديمقراطية. والآن تقولون ما علاقة هذا بذاك, لانه في الحقيقة, الجيش أو أية مجموعة مقاتلة لا علاقة لها بالديمقراطية لا من قريب ولا من بعيد. ولكن ومن أجل أن أثبت لكم بأن “قوات سوريا الديمقراطية” لها علاقة بالملوخية, يجب أن أقص عليكم قصة واقعية (مع تغيير بعض الأسماء) والتي من خلالها سأثبت لكم بأنه يوجد علاقة وطيدة بين “قوات سوريا الديمقراطية” والملوخية :
أحداث قصتنا تدور في مدينة منبج السورية, وذلك في ستينيات القرن الماضي, حيث كان يوجد في مدينة منبج فقط طبيبان, الدكتور رامي والدكتور محمود, وهذا في زمن كان عدد الأطباء قليل جدا, وكان يطلق اسم أستاذ على كل من يحمل الشهادة الإعدادية (المتوسطة).
ما يعنينا هنا هو الدكتور رامي والذي كان طبيبا ناجحا وذو دخل عالي ويعتبر من وجهاء المدينة وكان لدية مزرعة خاصة تقع على أحد أطراف المدينة والتي كان يزورها في نهاية كل أسبوع, وخاصة في أشهر الصيف, من أجل الإبتعاد عن ضوضاء المدينة وحرها الشديد. هذه المزرعة كانت تقوم على سواعد وأكتاف “البستنجي” أبو حسن والذي كان يرعاها ويسقيها ويهتم بها.
في يوم من الأيام طلبت زوجة الدكتور رامي, والتي تنتمي إلى أصول حلبية وتعرف أكلة الملوخية جيدا وطريقة طبخها, من أبو حسن أن يزرع في إحدى زوايا المزرعة قليلا من الملوخية. فما كان على أبو حسن إلا أن يوافق على هذا الطلب وأن يتقبله بكل رحابة صدر, بالرغم من عدم معرفته لهذه النبتة التي لم يراها طول عمره, ولكنه سمع بأنها تكون موجودة على موائد الميسورين من أهل المدينة.
بعدما زرع أبو حسن الملوخية, أصبحت العائلة لا تسأل ولا تهتم بكل ما زرعه أبو حسن من خضار وفواكه في المزرعة الكبيرة, إلا بحوض الملوخية, والذي يركض إليه الأطفال من بعد نزولهم من السيارة, وقبل أن يلقوا السلام على أبو حسن, ويقومون بفحص ومعاينة نبتاته الخضراء الجميلة, وحتى زوجة الدكتور أصبحت تظهر إهتماما كبيرا بهذه النبتة الغريبة على أبو حسن. السؤال والإهتمام الزائد وخاصة من طرف زوجة الدكتور زاد من فضول أبو حسن كثيرا وصار يسأل عن طريقة طهيها وطعمها. فلهذا وعدت زوجة الدكتور أبو حسن بأنها ستدعيه إلى أكلة الملوخية عندما تطبخها.
بعد أسابيع قليلة تم قطف الملوخية وسرعان ما حصل أبو حسن على الدعوة الموعودة للحضور إلى وليمة الملوخية.
جلس أبو حسن على كرسي بجانب الطاولة التي كانت مليئة بأنواع كثيرة من المأكولات الشهية وكان أمامه صحنا كبيرا من الملوخية التي يغطيها اللحم الكثير الكثير, حيث يصعب على الناظر أن يراى الملوخية من كثرة اللحم المتكدس فوقها.
أكل أبو حسن من الملوخية ولكنها لم تعجبه كثيرا وعوضا عنها استمتع باللحم الكثير والذي لم يأكل منه بهذه الكمية منذ عيد الأضحى الفائت.
طرحت زوجة الدكتور على أبو حسن سؤالا حول الملوخية وما إذا أعجبه طعمها, ولكن أبو حسن تصرف وكأنه لم يفهم السؤال جيدا وجاوبها عن شيء آخر لكي لا يحرج نفسه بجواب صريح قد يجرح مشاعر زوجة الدكتور, ولكن عندما أكدت علية السؤال ثانية, قال لها: الملوخية طيبة, ولكن بلا مؤاخذة, لو أنني طبخت حذائي هذا مع هذه الكمية الكبيرة من اللحم, لكانت طعمته كذلك لذيذة وأشار بأصبعه إلى حذائه القديم المهتريء الذي وقع بين يدين الحذاء عدة مرات وبعد كل مرة كان يزداد وزنه بشيء من الترقيع أو التلزيق أو من الخيطان والمسامير. وما ينسحب على حذاء أبو حسن والملوخية, ينسحب كذلك على “قوات سوريا الديمقراطية” و”إنتصاراتها” والتي من كثرة ما سمعنا عنها, أنخدشت طبلة أذننا.
“الإنتصارات” التي تحققها “قوات سوريا الديمقراطية” هي من أبسط البديهيات, وبإمكان حتى أصغر فصيل في الجيش السوري الحر أن يحققها, إن استطاع أن يحصل على جزء بسيط من الدعم الذي تحصل عليه “قوات سوريا الديمقراطية” من أسلحة متطورة ومن طيران يمشط لها المناطق التي تدخلها ومن معلومات إستخباراتية دقيقة وذلك من أكبر قوتين عالميتين أمريكا وروسيا وكذلك إيران والنظام السوري وعدد من الدول الأوربية.
الآن آمل أن تكونوا قد عرفتم ما هي العلاقة بين “قوات سوريا الديمقراطية” والملوخية.

Leave a Comment