- كوريا الجنوبية تخصص 3 ملايين دولار لدعم جهود مكافحة تغير المناخ في آسيا الوسطى
- شينجيانغ تطلق خط شحن سككي جديد لدعم التجارة مع آسيا الوسطى
- طاجيكستان والكويت تسعيان لتعزيز التعاون الاقتصادي وتأسيس صندوق استثماري مشترك
- قرغيزستان تفتح أبوابها للسياح الصينيين دون تأشيرة: خطوة لتعزيز السياحة والتعاون الاقتصادي
- أذربيجان وقرغيزستان تعززان الشراكة الدفاعية بتوقيع خطة التعاون العسكري لعام 2025
- دعوات إلى إحلال السلام ووقف الحروب في قمة بريكس في روسيا
- العراق يعزز قدراته الكهربائية باتفاقية جديدة لاستيراد الغاز من تركمانستان
- التوجه التركي الجديد: إعادة تسمية “آسيا الوسطى” بـ”تركستان” وأبعاده الاستراتيجية
- أذربيجان تشارك كضيف في اجتماع وزراء الطاقة لدول آسيا الوسطى في طشقند
- زيادة قياسية في إنتاج حقل تنغيز النفطي بكازاخستان قد تؤثر على التزام البلاد بحصص “أوبك بلس”
- كازاخستان تصارع من أجل توافق إنتاجها مع قيود حصص أوبك +
- السعودية وطاجيكستان تبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك
- في كازاخستان.. اجتماع قمة زعماء آسيا الوسطى يوافق على ثلاث وثائق نهائية
- اتفاق لتعزيز النقل عبر ممر “الشمال – الجنوب” بين إيران وروسيا وكازاخستان
- «شنغهاي للتعاون»… وعالم التعددية القطبية
قمة كازاخستان: إنقاذ بوتين مهمة صعبة
آستانا – د. باسل الحاج جاسم
تتجه الأنظار إلى العاصمة الكازاخستانية آستانا، منذ أن أعلن الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو عن قمة رباعية تجمعه ورؤساء روسيا وألمانيا وفرنسا في عاصمة الدولة الفتية لحل الأزمة في بلاده.
وقد اتفق نور سلطان نازارباييف رئيس جمهورية كازاخستان، ونظيره الأوكراني بوروشينكو على إجراء المحادثات حول النزاع في أوكرانيا بمشاركة زعماء روسيا وفرنسا وألمانيا في نهاية كانون الثاني (يناير) الجاري، وفق بيان للرئاسة الكازاخستانية.
وأبلغت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر الهاتف قبل أيام، أنه لن يتم عقد اجتماع قمة رباعي في كازاخستان، لمناقشة الوضع في أوكرانيا، إلا بعد تحقيق تقدم حقيقي في خطة مينسك للسلام.
وينظر إلى أزمة أوكرانيا التي بدأت عام 2014 على أنها بداية أهم التغييرات منذ سقوط الستار الحديد عام 1989 والتغييرات الإقليمية التي تلت ذلك بدءاً من استقلال كوسوفو عام 2008.
واعتبر جوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية الأوروبية، أن أزمة أوكرانيا تمثل أكبر تهديد لأمن أوروبا منذ سقوط جدار برلين، وأخطار زعزعة الاستقرار هي أكبر من حروب البلقان في تسعينات القرن الماضي، وأن طموحات بوتين لتعزيز التعاون والعلاقات مع بعض الجمهوريات السوفياتية السابقة لإقامة اتحاد أوراسي جديد، تقف وراء هذه الأزمة.
وصل فلاديمير بوتين إلى هرم السلطة في روسيا، خلفاً لبوريس يلتسين المريض في عام 1999، مع تعهدات بإبعاد الفوضى التي ميزت المرحلة الانتقالية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، بما في ذلك انخفاض قيمة العملة الروسية، وإفلاس الحكومة عام 1998. وتميزت فترة حكمه بنمو اقتصادي، وارتفاع الأجور في جميع السنوات التي قضاها كرئيس، ما عدا سنة واحدة، إلا أن انهيار أسعار النفط إلى جانب العقوبات الاقتصادية من الغرب يشكلان اليوم أكبر تحدٍّ لرئاسته.
تترنح موسكو اليوم في اتجاه أزمة مالية تستدعي للأذهان انهيار عام 1998، فقد انخفضت قيمة الروبل أكثر من 18 في المئة خلال يومين متتالين، على رغم الرفع المفاجئ لسعر الفائدة من جانب البنك المركزي في البلاد، في حين ساعدت سنوات السياسة المالية الحكيمة وصندوق تمويل الحرب البالغ 400 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي في منع حدوث أزمة مالية صريحة، إلا أن انكماش الروبل قد زاد كثيراً من عبء الديون الخارجية البالغة 600 مليار دولار على البنوك والشركات.
وفي ما يعتبر علامة على الضغط الواقع على واضعي السياسات في روسيا، قال سيرغي شفيتسوف نائب محافظ البنك المركزي الروسي، خلال فاعلية أقيمت في موسكو، أن الوضع كان حرجاً، وأضاف: «لم أكن أتصور حتى قبل سنة أن مثل هذا الأمر قد يحدث حتى في أسوأ كوابيسي، ما يعيد ذكريات عام 1998 عندما تخلفت روسيا عن دفع ديونها المحلية، وعلى رغم ذلك فإن مواردها المالية العامة واحتياطياتها في حالة أفضل كثيراً مما كانت عليه قبل 16 عاماً».
ويمثل ذلك مشكلة ضخمة لبوتين الذي ارتبط حكمه الممتد لأربعة عشر عاماً في أذهان الروس بالاستقرار، وارتفاع مستوى المعيشة، حيث اعتقد معظم الروس، أنه زعيم قوي وقد جلب النظام وساعد على تحسين مستوى المعيشة. والآن بوتين هو نفسه، وما زال يملك كل السلطة، لكن كل شيء ينهار.
وقال مسؤول تنفيذي في بنك «غازبروم» الروسي، طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع، أن انهيار الروبل، والركود الاقتصادي المصاحب له، يمثل انهياراً لنظام بوتين الاقتصادي القائم على النفط للسنوات الـ15 الماضية.
الأسس التي بنى فلاديمير بوتين عليها 15 عاماً من حكمه لروسيا آخذة في الانهيار، انهيار الروبل الذي انخفض بسرعة قياسية، يعرّض للخطر شعارات الاستقرار التي بنى بوتين حكمه حولها، وفي الوقت الذي تقترب شعبيته من أعلى مستوياتها على الإطلاق على خلفية موقفه من أوكرانيا، فإن أزمة العملة تهدد بأن تتسبب في تآكل هذه الشعبية، وأن تقوض سلطته أيضاً.
لقد نجا بوتين بالفعل من عاصفة اقتصادية في ما مضى، فقد قضت الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في عام 2008، على 7.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في روسيا، وسط تعثر مماثل في أسعار النفط، في تلك الفترة، وانخفض الروبل بنحو الثلث، ولكن نما الاقتصاد في كل عام منذ ذلك الوقت.
ولكن مع ذلك، وفقاً لأولغا كريشتانوفسكيا عالمة الاجتماع في الأكاديمية الروسية للعلوم، فالعقوبات الاقتصادية الغربية الحالية، تعني أن بوتين في مأزق أشد هذه المرة، حيث أوضحت، أن التدابير لتهدئة الوضع، مثل فرض ضوابط على رأس المال أو تلطيف موقف روسيا تجاه أوكرانيا، تحمل أخطاراً إضافية.
ووفق كيريل روجوف الباحث في معهد غايدار للسياسة الاقتصادية في موسكو، فإن ما يحدث الآن أسوأ مما كان قبل خمس سنوات، مشيراً إلى أن بوتين يخاطر بفقدان صورته كزعيم مسيطر، ويستطيع توجيه البلاد خلال الاضطرابات، فبعد عام 2009، كان هناك انتعاش سريع، أما اليوم فنحن نواجه صدمة لا يمكن السيطرة عليها، وهذا يقوض الثقة في نموذج بوتين الاقتصادي كله.
يواجه الاقتصاد الروسي عاصفة متكاملة، شكلتها أسعار النفط المنخفضة، والعقوبات الغربية بسبب أزمة أوكرانيا، ومشكلات الاقتصاد العالمي، ومع أن بوتين في مؤتمره الصحافي الموسع أواخر العام الفائت 2014، أجاب عن القضايا الرئيسية للسنة المنصرمة، كانخفاض قيمة الروبل، والصراع في أوكرانيا والأزمة المتفاقمة هناك، وإمكانية وقوع انقلاب، إلا أنه لم يأتِ بجديد وفقاً لكثير من المتابعين، وقدم وعوداً فضفاضة، عن تنويع الاقتصاد وتقليص الاعتماد على النفط الذي تمثل صادراته مصدراً أساسياً لإيرادات الدولة، حيث يشكل النفط والغاز ثلث الصادرات الروسية تقريباً.
لم يعترف بوتين بأية أخطاء، ولا ينوي تغيير سياسته، وهناك إصرار لديه على مفهوم مصالح روسيا، والذي هو مناسب للقيادة الشعبوية، وكلام بوتين يشير إلى أنه ذاهب لمواجهة الغربيين، حتى لو كان الثمن الخروج من النظام الاقتصادي العالمي.
واستقبل الغرب مؤتمر بوتين الصحافي بالحزن، لأنه أعطى إشارة لرفضه وساطة فرنسا وألمانيا في المواجهة بين الغرب والاتحاد الروسي، ولا يزال يصر على تفسير خيالي للأحداث في أوكرانيا.
ووفق كثرٍ من المراقبين، خطاب مثل هذا لا يهدد اقتصاد روسيا فقط، إنما اقتصاد كازاخستان، وبيلاروسيا، وجميع دول الاتحاد السوفياتي السابق، وهذا يجعلنا نفهم طلب الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نازارباييف من نظيره الفرنسي هولاند عدم خسارة روسيا، خلال زيارة الأخير العاصمة الكازاخستانية آستانا، حيث استجاب هولاند لوساطة نازارباييف، وعرج بطريقه على موسكو، والتقى بوتين في المطار.
ويرى المراقبون أن المشاكل الاقتصادية ستفاقم الانقسام في الكرملين بين الاقتصاديين الليبراليين، والمحافظين من أعضاء الأجهزة الأمنية، وستزيد التعقيد في العلاقات بين روسيا والغرب لسنوات عدة.
وكما أوضح بوتين نفسه، إن خلافه مع الغرب على العكس من الحقبة السوفياتية، فإنه ليس سياسياً وأيديولوجياً، وقد خطت روسيا بعض الخطوات العسكرية التي توضح منهجها في تحديد أولوياتها الاستراتيجية في ما يخص إحياء حلم الإمبراطورية الروسية، وأعطت إشارات أنها ستستمر في ذلك، ويهدف الغرب في الأساس إلى تركيع روسيا في شكل مختلف بعد أن ظهر الموضوع على أنه ضعف عسكري للغرب، كما ظهر أن روسيا التي ظنت أن أوروبا ستبقى رهن إشارتها بفضل خطوط الطاقة، ظهر أنها لم تستوعب النظام الرأسمالي العالمي في شكل كاف، وقد قُلب اقتصادها الذي يعتمد في شكل رئيسي على مجال الطاقة رأساً على عقب بليلة واحدة بعد انخفاض الأسعار وارتفاع معدل الإنتاج، ويبدو أنه تم جر بوتين من دون رغبة منه إلى منافسة تشبه ما حصل في حقبة انهيار الاتحاد السوفياتي، ولنتذكر أن السوفيات دخلوا مع الأميركيين في منافسة التسلح وفقدوا بذلك السباق في الاقتصاد العالمي، واضطروا إلى حل الاتحاد السوفياتي، وفي حين أن روسيا تظهر قوتها العسكرية، فإن الغرب استدرجها إلى مجال ليست جاهزة للمنافسة فيه.
الحياة اللندنيه