- العراق يطالب إيران بتسهيل مرور الغاز من تركمانستان
- قاسم جومارت توكاييف: تعزيز السيادة والاقتصاد من أولويات كازاخستان
- كوريا الجنوبية تخصص 3 ملايين دولار لدعم جهود مكافحة تغير المناخ في آسيا الوسطى
- شينجيانغ تطلق خط شحن سككي جديد لدعم التجارة مع آسيا الوسطى
- طاجيكستان والكويت تسعيان لتعزيز التعاون الاقتصادي وتأسيس صندوق استثماري مشترك
- قرغيزستان تفتح أبوابها للسياح الصينيين دون تأشيرة: خطوة لتعزيز السياحة والتعاون الاقتصادي
- أذربيجان وقرغيزستان تعززان الشراكة الدفاعية بتوقيع خطة التعاون العسكري لعام 2025
- دعوات إلى إحلال السلام ووقف الحروب في قمة بريكس في روسيا
- العراق يعزز قدراته الكهربائية باتفاقية جديدة لاستيراد الغاز من تركمانستان
- التوجه التركي الجديد: إعادة تسمية “آسيا الوسطى” بـ”تركستان” وأبعاده الاستراتيجية
- أذربيجان تشارك كضيف في اجتماع وزراء الطاقة لدول آسيا الوسطى في طشقند
- زيادة قياسية في إنتاج حقل تنغيز النفطي بكازاخستان قد تؤثر على التزام البلاد بحصص “أوبك بلس”
- كازاخستان تصارع من أجل توافق إنتاجها مع قيود حصص أوبك +
- السعودية وطاجيكستان تبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك
- في كازاخستان.. اجتماع قمة زعماء آسيا الوسطى يوافق على ثلاث وثائق نهائية
جاهد طوز:الغرب يهدف للاستيلاء على تركة الدولة العثمانية
قال الخبير في مركز التفكير الاستراتيجي بأنقرة جاهد طوز: إن حزب الشعب الجمهوري يختزن كمًّا كبيرًا من العداء للدين، وهذا الحزب سبق ومنع رفع الأذان في مساجد تركيا، وحوَّل بعض الجوامع إلى حظائر للحيوانات، ومارس جميع أنواع الاضطهاد ضد النساء المحجبات، وعمد إلى التقليل من شأن المسلمين وإهانتهم، وهذه العقلية لا تزال تسيطر على أروقة السياسة الداخلية للحزب.
وذكر أن إعلان تركيا عن دعمها لعملية عاصفة الحزم في إطار التأكيد على وقوفها إلى جانب تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، كما أكّدت تركيا في كل مناسبة على وقوفها في وجه جميع أنواع الاستقطاب الطائفي والعرقي في المنطقة، ويمكن تقييم ردود فعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القاسية التي أبداها تجاه إيران في هذا الإطار.
وهذا نص الحوار:
كيف تقيّم الحملة الدولية ضد تركيا على وقع قضية الأرمن، خاصةً مع تناغم الاعتراف بما سمي بالإبادة من جانب دول كروسيا وألمانيا وكذلك الانتقادات الأمريكية؟
حريٌّ بنا النظر إلى الحرب الدولية التي تشن ضد تركيا انطلاقًا من أحداث 1915، من زاوية حسابات القوى الأوروبية الكبرى، التي ركّزت على تقسيم المنطقة بهدف الاستيلاء على تركة الدولة العثمانية، وما أفرزته من استراتيجيات تم وضعها وتطويرها منذ مطلع العام 1870 ضد إمبراطورية كانت على وشك الانهيار وتحارب على عدّة جبهات من أجل الحفاظ على وجودها، وما تضمنته تلك الاستراتيجيات من عمليات تأليب للمجموعات العرقية المكونة للإمبراطورية. وبالنظر إلى القضية من الزاوية الأرمنية، فقد قال الزعيم الأرمني وأول رئيس وزراء لجمهورية أرمينيا الديمقراطية “هوهانس کاتشازنوني” في خطاب ألقاه عام 1923: “لقد اتّحد أعضاء لجان المتطوعين الأرمن في خريف عام 1914 ضد الأتراك، وخاضوا ضدهم حربًا ضروسًا، لم يساورهم أدنى شك بأن الحرب ستنتهي لصالح الحلفاء وأن تركيا ستهزم وتُقَسّم”، إن ما سبق يكشف بشكل بما لا يدعُ مجالًا للشك عن حقيقة النوايا الأرمنية المبيَّتة ضد تركيا.
في الواقع، يجب علينا فهم حقيقة ما جرى عام 1915، لكي نتمكن من تكوين وجهة نظر شاملة لتفاصيل تلك القضية. وهنا يحضرني أن أُذكّر بالأحداث التي شهدتها تلك الفترة العصيبة من تاريخ الدولة العثمانية. لقد تعاون القوميون الأرمن مع القوات الروسية، بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وارتكبوا المجازر ضد أطفال ونساء وشيوخ الأتراك والأكراد والعرب من مواطني الدولة العثمانية في مناطق شرقي وجنوب شرقي الأناضول، كما حاربوا ضد الدولة العثمانية وعرقلوا تحرّكات قواتها العسكرية إبان الحرب العالمية الأولى، التي انطلقت عام 1914، كل ذلك حدث في الوقت الذي كان فيه أبناء الدولة العثمانية يخوضون أشرس المعارك على الكثير من الجبهات ضد دول الحلفاء. بعدها تعاون القوميون الأرمن مع الجيش الروسي في اجتياح شرقي الأناضول، بالتزامن مع استمرار العصابات الأرمنية ارتكابها للمجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلوها.
سعت الحكومة العثمانية لوضع حد لتلك الأعمال، وإقناع ممثلي الأرمن من أجل وقف أعمالهم التخريبية، إلا أنها لم تنجح في ذلك، فقررت في 24 نيسان/ أبريل من عام 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة. واتخذ الأرمن ذلك التاريخ فيما بعد يوم ذكرى لإحياء “الإبادة الأرمنية” المزعومة، في كل عام.
قررت السلطات العثمانية، في 27 مايو/ أيار 1915، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى مثل سوريا والعراق اللتين كانتا داخل أراضي الدولة العثمانية، كإجراء احترازي يهدف لوقف دعم القوميين الأرمن للجيش الروسي.
عرضت تركيا دراسة الأحداث التي وقعت عام 1915 من خلال تحقيق لجنة مشتركة تتكون من مؤرخين أتراك وأرمن في محفوظات (أرشيف) تركيا وأرمينيا وغيرها من الدول المعنية، ومن ثم تقاسم النتائج التي ستفضي إليها تلك الدراسات وعمليات التحقيق مع الرأي العام العالمي.
تم تنفيذ قرار التهجير لمواجهة الحركات التبشيرية التي عملت بدوافع سياسية في أراضي الإمبراطورية العثمانية، والمجموعات القومية الأرمنية التي اتجهت نحو التطرف والتسلح، وبدأت تتخذ خطوات لإنشاء وطن أرمني متجانس عرقيًّا من خلال ارتكاب المجازر بحق السكان المحليين والاستعانة بالقوات الروسية الغازية. وهنا يجب الإشارة إلى أن ترحيل الأرمن لم يكن إلى بلدان خارج حدود الدولة، بل تم إلى سوريا والعراق اللتين كانتا في ذلك الوقت جزءًا من الإمبراطورية العثمانية. وفي الواقع شهدت عمليات الترحيل حوادث وفاةٍ بسبب الأمراض التي كانت متفشية في ذلك الوقت على نطاق واسع، كذلك لأسباب تعود إلى ظروف الحرب، والهجمات التي كان يشنها قطاع الطرق، إضافة إلى أسباب متعلقة بنقص المواد الغذائية، أما منتسبو العصابات الأرمنية الذين تعاونوا مع قوات الاحتلال الروسي، فإن معظمهم لقوا حتفهم على يد مواطنين من أصول كردية وتركية وعربيّة في مناطق شرقي وجنوب شرقي الأناضول.
لم تقف المجازر التي نفذتها العصابات الأرمنية حتى في أعقاب الحرب العالمية الأولى، حيث قاموا باغتيال 31 دبلوماسيًّا تركيًّا ابتداءً من عام 1970 وما تبعه من سنوات، كما أقدموا على تنفيذ عمليات إرهابية أودت بحياة 43 شخصًا من حملة الجنسية التركية ومن جنسيات أخرى، فيما التزمت البلدان الأوروبية بالصمت حيال كل الجرائم التي ارتكبت في عقر دارها، ولم تكتفِ أوروبا بالصمت، بل احتضنت اللوبي الأرمني وأصبحت مركزًا لنشاطاته.
في الواقع، إذا ما أخذنا النقاط المذكورة أدناه بعين الاعتبار، سنكتشف مدى زيف وتحامل الادعاءات الأرمنية.
ـ “أتين محجوبيان” كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو من أسرة أرمنية تركية.
ـ الصحفي الأرمني “ماركار أسايان” مرشح إسطنبول عن حزب العدالة والتنمية للبرلمان التركي وسيغدو عضوًا في البرلمان بعد انتخابات حزيران/يونيو.
ـ منذ أن تم تنفيذ قرار ترحيل الأرمن الذين تعاونوا مع الجيش الروسي المحتل، فإن الكثير من المواطنين الأرمن لا يزالون يقيمون في جميع المناطق والولايات التركية، ويتبوؤون مناصب عليا، وينعمون بوفرة اقتصادية ويساهمون بشكل قويّ في الاقتصاد الوطني.
ـ واليوم، عندما تدخلون إلى بيت أي أسرة أرمنية وخاصة الأسر التي تسكن في البلدان العربية والدول الغربية، تجدون أن أفرادها يتحدثون اللغة التركية فيما بينهم. إذا كان هناك إبادة جماعية كما تدَّعي الحكومة الأرمنية فهل كان من المعقول تحقق ما أسلفت ذكره؟ وبالنظر إلى جميع المعطيات آنفة الذكر، يمكننا القول: إن الحملة التي تشن ضد تركيا اليوم تندرج ضمن إطار الحملات الصليبية التي تستهدفنا، إلا أن تركيا اليوم ليست تركيا القديمة، وستتمكن من تحقيق النصر على هذه الحملة أيضًا، مثلما حققته على حملات أخرى شنت ضدها على امتداد السنوات الـ 12 الماضية.
كيف ترى تأثير العمليات الإرهابية التي جرت في تركيا مؤخرًا على مستقبل حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة، خاصةً وأن أحزابًا معارضة اتهمت الحكومة بتدبيرها؟
شهدت البلاد قبيل كل انتخابات مجموعة من الحوادث والأعمال الاستفزازية منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عام 2002 وحتى يومنا هذا، لذا يمكنني القول إن وقوع أحداث من هذا النوع بات مسألة طبيعية عشية توجه الشعب التركي نحو صندوق الانتخابات، ذلك أن الهدف الحقيقي من وراء هذه الأحداث هو التأثير على الناخب التركي وإبعاده عن حزب العدالة والتنمية، إلا أن السحر سينقلب على الساحر كما حدث في كل مرة، ولن تفضي تلك الأعمال الاستفزازية إلا عن تزايد في الدعم الشعبي لصالح حزب العدالة والتنمية.
أما المعارضة، فهي عاجزة عن إنتاج أي مشروع يلامس طموحات وتطلعات الشعب، لذا تعمل على طرح مجموعة من الإدعاءات وتلجأ إلى اتباع وسائل الكذب السياسي، وإذا ما افترضنا صحة ادعاءات المعارضة، لكان عندها حريٌّ بالشعب التركي أن يملأ الشوارع والساحات للاحتجاج على حكومة حزب العدالة والتنمية. إن مسألة عدم وجود معارضة متزنة تعتبر من أهم المشاكل التي تواجه تركيا، وهذه النقطة يتفق عليها جميع الباحثين المتخصصين في الشأن التركي.
هل تتوقع إمكانية أن يستطيع “حزب الشعوب الديمقراطي” تخطي العتبة الانتخابية؟ وهل ترى أن هذا الحزب يعمل كغطاء سياسي للإرهاب كما اتهمته أطرافٌ حكوميةٌ؟
في كل مرة يقترب فيها موعد إجراء الانتخابات، يلجأ حزب الشعوب الديمقراطي للتصعيد في خطابه السياسي وإطلاق تصريحات لا تنسجم مع قيم الشعب الكردي الذي يدعي تمثيله، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد قال رئيس الحزب صلاح الدين دميرطاش مشبهًا ميدان تقسيم وسط مدينة إسطنبول بالكعبة المشرفة: “إن المسلمين يذهبون إلى الكعبة لأداء فريضة الحج يولي العمال وجوههم صوب ميدان تقسيم”، مشيرًا في تصريح سابق إلى عزم حزبه على إلغاء دروس التربية الدينية من المدارس في حال وصلوا إلى السلطة.
إن بإمكان حزب الشعب الديمقراطي تحقيق مساهمة فعّالة في الحياة السياسة التركية، إضافة إلى مساهمات في حل قضايا شتى على رأسها مسيرة تحقيق السلام الداخلي في البلاد، لكن يلاحظ أن الحزب فضل لعب دور المتحدث باسم منظمة “بي كا كا” الإرهابية، التي تشن حربًا على تركيا منذ 40 عامًا. إن المواقف التي يبديها الشعب الديمقراطي، جوبهت بردود فعل سلبية من قبل المواطنين الأكراد، علمًا بأنه لم يسع لكسب تعاطف الشارع الكردي وكسب قلوب الناخبين الأكراد، لكان بإمكانه تجاوز عتبة الـ 10? بكل سهولة من خلال أصوات الناخبين الأكراد فقط، ولكان استطاع أن يصبح واحدًا من الأحزاب المهمة في البرلمان.
اليوم نرى وجود 76 نائبًا من أصل كردي عن حزب العدالة والتنمية، فيما لا يمتلك حزب الشعب الديمقراطي سوى 29 نائبًا في البرلمان التركي، وهذا يدل على أن الشعب الديمقراطي لا يمثل الشارع الكردي كما يدعي.
ما دلالات ترشح عدد كبير من المحجّبات على قوائم حزب العدالة والتنمية؟ وكيف ترى ترشح محجّبة على قوائم حزب الشعب الجمهوري؟
بالتأكيد كانت قضية الحجاب إحدى المشاكل الكبرى التي واجهت تركيا، بعد وقوع الانقلاب الذي يعرف باسم “انقلاب ما بعد الحداثة” عام 1998، تم فرض حظر على ارتداء الحجاب في جميع المدارس والمؤسسات الرسمية. أصبح هذا القرار بمثابة الصخرة التي تتحطم عليها أحلام العديد من الفتيات الراغبات بمتابعة الدراسة، فيما اضطر عدد كبير من الطالبات للذهاب إلى بلدان مختلفة ومتابعة حياتهنّ العلمية في الخارج بعيدًا عن عائلتهنّ، فضلًا عن إلقاء القبض على الآلاف من المواطنين وتعريضهم للتعذيب في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقانون، وقد تسبب هذا الوضع في تشتت ودمار الكثير من العائلات.
ومع ذلك، فإن هذه المشكلة كغيرها من المشاكل وجدت الحل على يد حكومة حزب العدالة والتنمية، ففتح الطريق أمام السيدات المحجبات للدخول إلى جميع المؤسسات الرسمية والعمل أيضًا ضمن كوادرها، فيما أكسب القانون الذي صدر مؤخّرًا السيدات المحجّبات حق الترشح للانتخابات ودخول البرلمان مرتدياتٍ الحجاب. واليوم نرى بأن الغالبية العظمى من السيدات المحجبات اللائي ترشحن لخوض غمار الانتخابات البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية هن من ضحايا قوانين منع الحجاب، وهذا يظهر بوضوح الفرق الشاسع بين تركيا القديم وتركيا الجديد.
إن حزب الشعب الجمهوري لديه مرشحة محجبة واحدة فقط. ومع ذلك، فإن ذلك الترشيح لا يعدو عن كونه ترشيحًا سياسيًّا ورمزيًّا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. لقد سبق لحزب الشعب الجمهوري، أن قام قبل خمس سنوات بانفتاح أطلق عليه اسم “الانفتاح على السيدات المنقَّبات”، ليضم بين أعضائه مجموعة منهنّ، ولكن بعد وقت قصير، اتضح أن ذلك لم يكن سوى مناورة سياسية فما كان من السيدات المنقَّبات إلا وأن أعلن عن انسحابهن من الحزب فورًا. من الواضح والمعلوم بالنسبة لمتابعي الشؤون التركية، أن عقلية حزب الشعب الجمهوري التي سبق لها ومنعت رفع الأذان في مساجد تركيا، وحولت بعض الجوامع إلى حظائر للحيوانات، ومارست جميع أنواع الاضطهاد على النساء المحجبات، وعمدت على التقليل من شأن المسلمين وإهانتهم، لا تزال تسيطر على أروقة السياسة الداخلية للحزب، وبالتالي، أعتقد أن من الأجدر بنا النظر إلى التحركات السياسية التي يقوم بها هذا الحزب الذي يختزن كمًّا كبيرًا من العداء للدين على أنها مجرد ألاعيب سياسية وأنشطة رمزية.
كيف تقيم الموقف التركي من عاصفة الحزم على الحوثيين؟
بداية أرى من المفيد في المقام الأول التذكير بأن الدول العربية المشاركة في عاصفة الحزم وجدت نفسها مضطرةً للتدخل عسكريًّا ضد الحوثيين في اليمن، بسبب الأخطاء السياسية التي ارتكبتها؛ لأن العديد من الدول العربية وخاصة دول الخليج، رأت في الحكومات التي وصلت إلى السلطة في بلدان الربيع العربي التي شهدت صعودًا لما يسمى بـ”الإسلام السياسي” تهديدًا عليها، وسعت بشكل ممنهج لخلق رهاب من الإخوان والذي بات يعرف باسم “إخوانوفوبيا”، حيث نظر إلى الحكومات التي وصلت إلى السلطة من خلال انتخاباتٍ شرعية على أنها حكومات معادية في الوقت الذي كان يتعين فيه دعمها.
إن هذا الفهم السياسي أفرز انقلابًا عسكريًا في مصر، ومحاولات انقلابية في تونس، واتجاه ليبيا نحو حربٍ أهلية، وضرورة للتدخل عسكريًّا في اليمن ضد مخاطر الاستيلاء عليه من قبل الحوثيين المدعومين من إيران، وهكذا، انتشرت معاقل إيران والجماعات المتطرفة في جميع أنحاء اليمن والعراق وسوريا ولبنان.
ووفق قناعتي فإن السياسات الخاطئة تجاه المنطقة لعبت دورًا مهمًّا في تفشي حالة الفوضى التي تمر بها المنطقة اليوم، لكن وعلى الرغم من كل ذلك، فإن عملية عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية تستحوذ على درجة عالية من الأهمية، خاصة وأننا نرى بأن القوى الدولية غير قادرة على إيجاد حلول للمشاكل التي تشهدها منطقتنا في هذه المرحلة الصعبة، وبالتالي، فإن انتزاع القوى الإقليمية أكبر قدر من المبادرة واتخاذ خطوات جادّة من شأنها حل المشاكل التي تواجه المنطقة، سيكون له بالغ الأثر وسينعكس بشكل إيجابي وبنَّاء على ترسيخ دعائم الاستقرار في المنطقة.
أما تركيا، فدافعت منذ اليوم الأول لمرحلة الربيع العربي عن ضرورة تحقيق المطالب الشعبية التي تم التعبير عنها من خلال وسائل مشروعة ودعم الحكومات التي وصل إلى السلطة بطرق شرعية. وقد أظهرت التطورات الأخيرة في المنطقة مرة أخرى صحّة ومبررات الرؤية التركية. ويأتي إعلان تركيا عن دعمها لعملية عاصفة الحزم في إطار التأكيد على وقوفها إلى جانب تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، كما أكّدت تركيا في كل مناسبة على وقوفها في وجه جميع أنواع الاستقطاب الطائفي والعرقي في المنطقة، ويمكن تقييم ردود فعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القاسية التي أبداها تجاه إيران في هذا الإطار.
ما انعكاسات الاتفاق النووي الإيراني على تركيا؟
إن تركيا تنتهج سياسة عدم إغلاق قنوات الحوار مع دول الجوار والعالم، حتى في ظل وجود خلافات سياسية وأيديولوجية، بالنسبة لي، فإن هذه الميزة تعتبر من أبرز وأهم الجوانب التي تتمتع بها السياسة الخارجية التركية.
وكما هو معروف، وقفت تركيا في وجه بعض الدول الغربية التي اعتبرت أن من حق “إسرائيل” تأسيس برنامج نووي، ودافعت من خلال هذا المنظور عن حق إيران أو أي دولة إسلامية أخرى بتأسيس برنامج نووي، معترضةً على الحظر الذي فرضته الدول الغربية على إيران، في الوقت الذي وقفت فيه جميع دول العالم ضد إيران. خاصة وأن تركيا كبلد ديمقراطي تنتهج سياسات مبدئية تعتبر الإنسان والقيم الإنسانية بوصلة في عملها السياسي.
وهكذا رحبت تركيا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الغرب وإيران ودعمته. لكن وبالرغم من كل الدعم الذي قدمته تركيا لإيران خلال الفترات العصيبة التي مرت بها والتي كانت فيها تعيش بحال عزلة منقطعة فيها عن العالم، لم تتوانى إيران عن التهجم على تركيا في كل مناسبة، وأقحمت نفسها في مغبّة محاولة احتلال أربعة عواصم عربية وتصرفت كدولة تريد فرض هيمنتها على المنطقة، وفي هذه المرحلة بالضبط، أظهرت تركيا ردود فعلها اللازمة تجاه تلك السياسات، داعية إيران إلى سحب ميليشياتها فورًا والانسحاب من تلك الدول، والتعامل مع المشاكل التي تواجه المنطقة وفق ما تتطلبه مصالح الأمة الإسلامية وليس وفق نظرةٍ طائفيةٍ ضيّقة، وإلا فإنها سوف تعيش مزيدًا من العزلة بعيدًا عن دول العالم الإسلامي، وستقف بمفردها في مواجهة أيّامٍ عصيبة.
ولعل أفضل مثال على ذلك، هو انخفاض مستوى شعبية إيران وعدم قدرتها على توجيه خطابها إلا لـ 130 مليون مسلم شيعي حول العالم، فيما كانت عام 2006 أبان مقاومة حزب الله اللبناني لإسرائيل تتوجه بخطاب يصل لنحو ملياري مسلم حول العالم، وسنشاهد جميعًا مع مرور الوقت، وقوف الكثيرين من أصحاب الضمائر الحية من الشيعة في وجه السياسات الطائفية التي تنتهجها إيران والتي لا تعود بأي فائدة على الأمة الإسلامية.
المصدر: موقع مفكرة الإسلام