News

هل يعرف الكرملين ماذا يريد؟

ساحة النصر في موسكو

ساحة النصر في موسكو

فيودر لوكيانوف
وَقَع وَقْع المفاجأة قرار روسيا التدخّل العسكري في الأزمة السورية. وفاق تخبّط الموقف الغربي تخبّطه في مسألة القرم. وفي التدخل في أوكرانيا، كان في الإمكان تفسير الخطوة الروسية بعلل مألوفة مثل «الطموحات الإمبريالية» و «إحياء الاتحاد السوفياتي». أما في الموضوع السوري، فحتّى أولئك الذين يؤمنون بالعظمة الروسية، يستدركون أن موسكو اليوم لا يمكن أن تلعب في الشرق الأوسط دوراً مماثلاً لدور الاتحاد السوفياتي. فما وراء هذه الخطوة؟
ثمة عدد من التفسيرات العملية في روسيا والغرب. لكن إذا نظر المرء إلى ما يحدث على نطاق أوسع – في سياق السياسة الخارجية في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفياتي، لاحظ منعطفاً في هذه السياسة. وسلطت عملية ضم شبه جزيرة القرم الضوء على بروز مفهوم «العالم الروسي».
وافترضت موسكو أن «العالم الروسي» يبعث مشروعاً أيديولوجياً في السياسة الخارجية، التي يفترض بها رفع شأن روسيا العالمي. لكن سرعان ما تبيّن أن أثر هذه العقيدة، ولو كانت فعاليتها كبيرة داخل البلاد، محدود في الخارج. فمفهوم «العالم الروسي» مخالف للعولمة. وليس مصدر إلهام أو جذب خارج روسيا. وسعت موسكو الى رفد هذا المفهوم بقيم وأخلاق محافظة تحلّ محلّ العرق الروسي. لكنها عجزت عن صوغ أيديولوجية بديلة. وبدأت الأزمة الأوكرانية حين رفعت روسيا لواء السأم من هيمنة الغرب. وعلى رغم أهمية أوكرانيا في روسيا، فاحتمال تحقيق المكاسب هناك معدومة.
وكانت روسيا أمام مفترق طرق الخيار بين الذهاب الى أزمة أكبر لرفع الرهان وتحمّل عواقب لا يمكن التنبؤ بها، وبين الانزلاق الى ما حصل – أي الغرق في مستنقع عملية مينسك والتمسّك بطوق صيغة «القوة الإقليمية»، التي منحنا إياها باراك أوباما. ولا تمتد هذه الصيغة أو الصفة (قوة إقليمية) الى نطاق أوراسيا (أوكرانيا ليست مهتمة بأوراسيا)، بل تقتصر على أوروبا الشرقية. ولا شك في أن التدخل في الشرق الأوسط هو خروج على القضية (الدفاع عن العالم الروسي)، لكنه خطوة نحو العودة إلى الساحة الدوليّة. ويرى الكرملين أن سورية هي الورقة الوحيدة المتبقّية في يده. وفي وقت يتخبّط اللاعبون الآخرون في المنطقة، اتّسم الموقف الروسي بالتماسك في الأربع سنوات ونصف السنة من الأزمة السورية. والوضع على الأرض في سورية متشابك وفوضوي، الى درجة تبدو معها إدانة موسكو مرتبكة، ولا داعي الى عرقلة الروس إن أرادوا المخاطرة في سورية.
المخاطرة فعلاً كبيرة. لكن المكسب كبير في ظل الموقف الهش للاعبين الآخرين. لكن ما هو هدف السياسة الخارجية الروسية؟ يتنامى شعور بأن السياسة الروسية هي أشبه بالتسكّع. الديبلوماسيون الروس من الطراز العالمي، وهم أصحاب مهارات عالية. لكن إذا لم يكن تعريف الأهداف واضحاً، تتحوّل السياسة الخارجية إلى فن من أجل الفن (هواية). وفي عالم فوضوي وغير متوقع، من العسير التزام طريق والثبات عليه من دون تغيّر. والسؤال اليوم هو: ماذا تريد روسيا؟
فوربس الأميركية

Leave a Comment