News

“موقع السعودية يسمح لها بأن تكون جسر تواصل بين تركيا ومصر”

تركيا، مصر

تركيا، مصر

أنباء آسيا الوسطى والقوقاز – وكالات
قال الأكاديمي والكاتب السعودي، الخبير في الشؤون السياسية، خالد الدخيل، إن “موقع السعودية الحالي يسمح لها بأن تكون جسر تواصل، وربما تقريب بين تركيا ومصر”، مشيرًا إلى أن المنطقة بحاجة ملحة إلى “ثلاثي سعودي- تركي- مصري”.
وأضاف الدخيل في مقال له نُشر عبر صحيفة الحياة، بعنوان “السعودية وتركيا … ماذا عن مصر؟”، أن حاجة المنطقة إلى تلاحف ثلاثي بين تركيا والسعودية ومصر برزت لكون “هذه دول ثلاث تتوافر لكل منها عناصر يمكن أن تشكل أساساً لتكامل اقتصادي وسياسي بينها، وأن التنسيق بينها داخل مثلث إقليمي سيعيد إلى المنطقة شيئاً من التوازن بعد سقوط العراق وسورية، إلى جانب أنه سيشكل حاجزاً للدور الإيراني المدمر للعالم العربي، ومنطلقاً للتأسيس لحال من الاستقرار”.
وأوضح الدخيل قائلًا: “تعكس الحاجة إلى هذا التحالف بطبيعة الحال التغيرات التي عصفت بالمنطقة منذ ما قبل ثورات الربيع العربي، آنذاك كانت فكرة تحالف دولة أو مجموعة دول عربية مع إحدى دول الجوار تعد نوعاً من المحرمات القومية، لذلك كان النظام الإقليمي العربي يعتمد في أساس استقراره وتوازنه على تفاهم رباعي بين أعمدة النظام (السعودية والعراق ومصر وسورية)، وإذا تعذر التفاهم الرباعي يحل محله ثلاثي (السعودية وسورية ومصر)، وآخر مرة تحقق فيها هذا الثلاثي كانت بعد سقوط العراق تحت ثنائي الاحتلال الأميركي والنفوذ الإيراني منذ 2003”.
وأشار الكاتب السعودي، إلى أن “البعض قد يتساءل: لماذا تركيا وليس مصر، أو دول عربية مع مصر؟ والإجابة واضحة، مصر في حال ارتباك، والدول العربية الأخرى إما ضحية لحرب أهلية، وإما في حال انكفاء، كما هي حال المغرب والجزائر مثلاً”.
ولفت أنه “في سياق المرحلة وتحولاتها تختلف تركيا عن إيران، فتركيا ليست دولة سنية بالمعنى الذي تعتبر به إيران نفسها دولة شيعية، تركيا دولة وطنية علمانية بغالبية سنية، وهي تختلف في أنها لا تعتمد آلية الميليشيا في دورها الإقليمي كما تفعل إيران، ولا تجعل من الطائفية معياراً أساسياً لطبيعة وحدود هذا الدور، كما هي الحال مع إيران أيضاً، يكفي لتأكيد ذلك علاقة الشراكة الضخمة التي كانت منتظمة فيها مع سورية قبل الثورة، وعلاقتها الاقتصادية الكبيرة مع إيران حالياً وهي خصمها في الساحة السورية”.
وذهب الدخيل إلى أن “الحزب الحاكم فيها (العدالة والتنمية) ملتزم بمرجعية دستورية علمانية، وعلاقته مع الدول العربية مباشرة وليست من خلال تنظيمات وميليشيات كما هي علاقة إيران مع العراق وسورية ولبنان، هل يمكن أن تتغير تركيا وأن يستخدم الحزب الحاكم فيها امتداداته الإسلامية في العالم العربي أساساً ومنطلقاً لتأسيس نفوذ له هناك؟ هذا سؤال عربي ينم عن حال شك مزمنة في كل شيء، وعن شعور بالضعف وعدم الثقة بالنفس، تغذيه الظروف العربية الحالية”.
وبيّن أن “السؤال الأهم الذي يفرضه الواقع العربي: لماذا لا يتم بناء تحالف مع تركيا كما هي عليه الآن، وبالمواصفات التي عليها علاقتها مع العالم العربي حتى الآن؟ سيكون التحالف معها في هذه الحال عامل تحصين لهذه العلاقة وترسيخ لها من الانزلاق إلى الحال التي يخشى البعض منها، ويبدو أن السعودية تنطلق من هذه الفرضية عندما قررت الدخول في مجلس للتعاون الاستراتيجي مع تركيا، هو تحالف يهدف إلى وضع حد للنفوذ الإيراني، ولطموح طهران بجعل تحالفها الطائفي مع العراق وسورية عنصراً بنيوياً لنظام إقليمي في طور التشكل، في الوقت نفسه تحافظ السعودية على علاقتها الاستراتيجية مع مصر حفظاً للتوازن هنا، كان الأفضل لو أن مصر دخلت طرفاً ثالثاً في هذا التحالف، لكن القاهرة ترفض الفكرة من أساسها بسبب موضوع “الإخوان” الذي أصبح عقدة لعلاقات مصر الإقليمية”.
وأردف قائلًا: “هناك سؤال آخر ومشروع: هل يمكن هذا التحالف أن يكون تحالفاً طائفياً في مواجهة التحالف الشيعي الذي تقوده إيران؟ أولاً إن السعودية ليست دولة دينية مثل إيران، ثانياً تعتمد السعودية في سياستها الخارجية ودورها الإقليمي على المصلحة السياسية الوطنية والعربية، بدليل شبكة تحالفاتها، وعلى عكس إيران، شملت وتشمل دولاً عربية وغير عربية، وإسلامية وغير إسلامية، وسنية وشيعية، لا ننسى أن من بين حلفاء السعودية في الأعوام الثلاثين الماضية كان العلوي حافظ الأسد، والزيدي علي عبدالله صالح، إلى جانب شراكاتها الغربية، ثالثاً يجب -تواصلاً مع ذلك- أن يطرح التحالف مع تركيا مشروعاً إقليمياً يرتكز إلى استعادة مفهوم الدولة الوطنية، وأن المواطنة بما تنطوي عليه من حقوق وعدل ومساواة بين الجميع هي أساس هذه الدولة، وأن الطائفية والانتماء المذهبي أكبر خطر على هذه الدولة، وهو الذي يعصف بها وباستقرارها الآن”.
الجدير بالذكر أن العلاقات بين القاهرة وأنقرة تشهد توترًا منذ الإطاحة بـ” محمد مرسي” أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا بمصر، بلغ قمته في 24 نوفمبر/ تشرين ثان 2013، عندما اتخذت مصر قرارًا باعتبار السفير التركي “شخصًا غير مرغوب فيه”، وتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى القائم بالأعمال، وردت أنقرة بالمثل.
وعادة ما تعلن تركيا أنها لا تتدخل في الشأن المصري، وتؤكد انحيازها للديمقراطية ، ودعمها لحريات الشعوب، ورفضها الانقلاب علي أي مسار ديمقراطي، وهو ما رأته في الانقلاب على الرئيس المصري الأسبق “مرسي”.
وكان “سامح شكري” وزير الخارجية المصري، قال في حوار متلفز، أجراه على إحدى القنوات المصرية الخاصة مؤخرًا، في معرض تقييمه للعلاقات التركية المصرية، إنه “نأمل أن تعود العلاقات المصرية – التركية إلي سابق عهدها”.
وذكر “شكري” خلال حديثه: “إننا نأمل في عودة العلاقات المصرية – التركية إلى عهدها السابق، الذي كانت فيه تلك العلاقات قائمة علي الاحترام المتبادل وعلي عدم التدخل في الشؤون الداخلية وسيادة الدولة والإرادة الشعبية في تحديد المسار، ومصر لا تقبل أي نوع من المحاولة علي الانقضاض علي مصلحتها وإرادة شعبها”.
وأضاف قائلا “أتصور أن تركيا تسعي دائما لأن يكون لها علاقات ايجابية، ومن باب أولي أن تراعي في علاقتها مع مصر العمل الايجابي والعودة إلي إطار إيجابي”، معربًا عن تقديره للشعب التركي والتاريخ الطويل الذي يربطه بالشعب المصري.
وتابع : “نحن دائما منفحتون علي أن تكون علاقاتنا إيجابية علاقات فيها بناء ومصلحة الشعبين”، نافيًا توسط السعودية بين مصر وتركيا لإعادة العلاقات بينهما.

Leave a Comment