News

العلاقات الروسية – الإيرانية على حالها بعد رفع العقوبات

أسعار النفط

أسعار النفط

غيرفورغ ميرزايان
التزمت إيران كل واجباتها في تطبيق الاتفاق النووي، وأكّدت الوكالة الدوليّة للطاقة الذرية ذلك رسمياً في 16 كانون الثاني (يناير). وإثر رفع العقوبات، تحصل إيران على الأصول المجمدة في حساباتها الأجنبية (نحو 50 بليون دولار وفقاً لوزارة الخزانة الأميركية). ويقضي الاتفاق النووي بأن ترفع أوروبا الحظر عن النفط الإيراني، وهذا ما أعلنت عنه (وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا) موغيريني، وأن يجيز الأميركيون للأوروبيين الاستثمار في الاقتصاد الإيراني، وبيع ايران التكنولوجيا العالية والمتقدمة.
ولكن ما ينتظر في المستقبل القريب في سوق النفط هو مدار أبرز الأسئلة. فإيران تخزّن عشرات ملايين براميل النفط. ويخشى خبراء تراجع سعر النفط بضعة دولارات، إذا قرر الإيرانيون ضخ مخزونهم النفطي هذا في السوق مقابل أسعار تشجيعية.
وعلى رغم هذه المخاوف، يستبعد ان يبصر هذا السيناريو النور. فالإيرانيون شعب عملاني لا يرغب في بيع نفطه مقابل ثمن زهيد، خصوصاً في ظل انتفاء حاجتهم الملحة لعائدات إضافية (لا سيّما بعد حصولهم على الأصول المجمدة). ولذا، يُرجَّح ألا يخلف رفع الحظر عن بيع النفط الإيراني أثراً بالغاً في السوق. ويرى خبير أن رفع العقوبات المفروضة على إيران سيؤدي إلى ذعر وهبوط الأسعار في الأسواق العالمية في الأمد القصير. وأثر ضخ نصف مليون برميل في الأسواق وميزانها ضعيف. فاللاعبون البارزون في السوق «أخذوا في الحسبان» هذا الأمر، واستبقوا أثره، يقول الخبير. وكان أحد أسباب تراجع أسعار النفط أخيراً، ترقب الأسواق رفع العقوبات عن إيران.
والموقف من رفع العقوبات عن إيران متباين ومتفاوت في روسيا. من جهة، عمّ الانفراج المنطقة إثر ابتعاد شبح الحرب بين الولايات المتحدة وإيران. وتحمل العودة إلى الاقتصاد العالمي، وعدم رغبة الإيرانيين في الانقطاع عنه من جديد، طهران على التزام نهج أكثر توازناً في السياسة الخارجية. وخير مثال على هذا الاعتدال والاتزان هو حادث احتجاز البحارة الأميركيين. فلو وقع مثل هذا الحادث قبل 10 سنين، لأنتج الإيرانيون عرضاً سينمائياً عن المسألة: محاكمة الجناة ومسيرات احتجاج وطنية وغيرهما من العروض. أمّا الآن فاكتفت طهران بعرض فيديو مذلّ.
ومن جهة أخرى، يرى خبراء روس أن طهران لم تعد تحتاج إلى الكرملين، إثر طي تنافسها النووي مع الولايات المتحدة، واستئناف التجارة الإيرانية – الأوروبية والعلاقات الاستثمارية. وزار العاصمة الإيرانية ممثلو «شل» و»توتال»، وشركات غربية أخرى تراهن على استئناف العلاقات التجارية والاقتصادية. وهذه العلاقات تغني طهران عن علاقة تبعية تربطها بروسيا. ولكن الأمور ليست على هذه البساطة. وليس الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران خاتمة النزاع بين الغرب وطهران. وثمة قوى نافذة في الولايات المتحدة وإيران تعارض هذا السيناريو، وهي تعتبر ان قرار الرئيس (باراك) أوباما تجنّب الحرب مع إيران وإبرام الاتفاق النووي معها، في مثابة استسلام أميركي. وأعلن أوباما عزمه على تطبيع كامل للعلاقات مع إيران، ما يشرع الأبواب على حرب شعواء عليه في الداخل.
وفي إيران يعارض مرشد الثورة علي خامنئي تطبيعاً واسعاً مع الغرب، في وقت يترتب على «صفقة كبرى» لفظ معاداة الولايات المتحدة، اي لفظ ما درج عليه العلماء الإيرانيون. ويترتب كذلك على «الصفقة الكبرى» تشريع ابواب العالم امام الإيرانيين، فترتفع فرص الاحتذاء على الـ «بيريسترويكا» (حركة اصلاح اقتصادي واجتماعي وسياسي في الاتحاد السوفياتي)، أو لا سمح الله فرص احتجاجات على الحكم تودي به.
وعليه، لم تخسر روسيا هامش المناورة الواسع بعد تطبيق الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران، ولم تفقد القدرة على الدفاع عن مصالحها في الشرق الأوسط. وهي طبعاً لن تخسر هذا الهامش إذا قاوم الكرملين إغراء تبسيط واقع السياسة الخارجية والانحياز إلى إيران في نزاعها مع الدول العربية.

موقع «إكسبرت» الروسي

Leave a Comment