News

مشاريع الطاقة المشتركة بين السعودية وروسيا

وليد خدوري

وليد خدوري

وليد خدوري
شكّل الاتفاق الروسي – السعودي للتعاون من أجل استقرار أسواق النفط العالمية، الذي تم توقيعه في مدينة خوانجو الصينية على هامش مؤتمر قمة مجموعة العشرين في الخامس من أيلول (سبتمبر) 2016، نقطة انطلاق للعمل المشترك لأكبر دولتين منتجتين. وقد رمت الدولتان ثقلَيهما وراء إنجاح سياسة خفض الإنتاج لاستقرار الأسعار. فبعد تدهور أوصلها الى 30 دولاراً، تحسن المستوى السعري ليرتفع الى معدل 50-55 دولاراً للبرميل. ويعود السبب الرئيس وراء هذه الزيادة الى التزام كل من السعودية وروسيا بمعدلات تقليص الإنتاج، إضافة الى لعب دور فعال لكل منهما في حض الدول المنتجة الأخرى على الالتزام بتعهداتها لخفض الإنتاج.
تم الاتفاق في مرحلة مفصلية. وفي ظل الخلافات المهمة بين الدولتين حول السياسة الإقليمية، بخاصة السورية. ولكن على رغم كل التعليقات المتشائمة في حينه حول إمكان نجاح الاتفاق، يستمر العمل به وتستمر المحادثات بين الطرفين، إضافة الى المشاورات مع بقية الدول المنتجة ذات العلاقة، حول إمكان تمديده وضرورة الالتزام بالتعهدات.
يدعم اتفاق خوانجو مصالح مشتركة، أولها استقرار أسعار خام «برنت» عند معدل يزيد عن المعدل الحالي ليبلغ نحو 50-60 دولاراً، لما لذلك من أهمية للموازنات السنوية للدولتين. كذلك فتح الباب لإطلاق إمكان تعاون صناعي طاقوي روسي – سعودي واسع، يعتبر خطوة ثانية مهمة على أثر زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عبدالعزيز الرسمية الى موسكو. فإضافة الى الاجتماعات والمحادثات مع كبار المسؤولين الروس، عقد أيضاً منتدى الاستثمار الروسي – السعودي، الذي ناقش إمكان فتح مجالات التعاون والاستثمار في مجال الطاقة لكل من القطاعين العام والخاص. وشدد وزير الطاقة خالد الفالح في كلمته أمام المنتدى على أن السعودية «ترغب في تطوير علاقاتها مع روسيا، تحديداً في القطاع الخاص». وأكدت التصريحات الروسية والسعودية لكل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وخادم الحرمين، أهمية استقرار الأسواق. وبما أن المحادثات لا تزال مستمرة بين البلدين حول إمكان تمديد اتفاق خفض الإنتاج الى ما بعد موعد انتهائه في آذار (مارس)، لم يصدر تصريح رسمي عن التمديد، بل انحصر الكلام حول استمرارية المحادثات.
يلاحظ أن اهتمام السعودية الرئيس هو استيراد الغاز المسال الروسي لتغذية محطات الكهرباء الواقعة في المنطقة الغربية المطلة على البحر الأحمر. وتعتبر هذه الأولوية جزءاً من سياسة السعودية البترولية في التوسع باستعمال الغاز الطبيعي. ووفقاً لوكالة «رويترز»، تتوقع مصادر روسية توقيع مذكرة تفاهم بين شركة «نوفاتيك» الروسية وشركة «ارامكو السعودية» لتطوير الغاز المسال وإنتاجه من القطب الشمالي، من خلال مشروع «الغاز المسال القطبي-2»، ويتوقع أن يبدأ المشروع العمل خلال العقد المقبل، وهو الثاني للغاز المسال لشركة «نوفاتيك».
ويتوقع أن تشكل هذه الاتفاقات الخطوة الأولى للانطلاق في مشاريع للطاقة على المدى البعبد. اذ تتم المباحثات ما بين المسؤولين النفطيين للدولتين حول خطة تأسيس صندوق للاستثمار بقيمة بليون دولار في مشاريع طاقة، وفقاً لوزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك. وصرح نوفاك «لقناة «العربية بـ «أن اهتمامنا لا ينحصر بدعم تعاوننا في إطار منظمة أوبك والدول المنتجة الأخرى المشتركة في خفض الإنتاج، لكن أيضاً لدعم التعاون في مجالات النفط والغاز والكهرباء والطاقات المستدامة، ومشاريع أخرى لأدوات وماكينات النفط والغاز». وتشمل بعض المشاريع، التي يقدر عددها بـ25 مشروعاً، إمكان تقديم الجانب الروسي خدمات الحفر للسعودية، إضافة الى اهتمام شركة «روزنفت» تجارة النفط الخام السعودي.
وفي سياق متصل، أكدت وزارة الطاقة الروسية الأسبوع الماضي أن الفالح ونوفاك سيوقعان برنامجاً للتعاون بين البلدين في مجال الطاقة. كما أكدت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن الرئيس التنفيذي لشركة «ارامكو السعودية» أمين الناصر، وقع خمس مذكرات تفاهم مع شركات طاقة روسية، على هامش منتدى الاستثمار السعودي – الروسي الأول في موسكو. ووفقاً لوزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد القصبي، تم «توقيع 7 اتفاقات بين شركات القطاع الخاص في البلدين، إضافة الى منح 3 تراخيص لشركات روسية لمزاولة نشاطاتها على أراضي المملكة». وهناك مفاوضات متقدمة لاتفاق بين شركة «ارامكو السعودية» و «سيبور» الروسية للبتروكيماويات لتشييد مصنع للبتروكيماويات في السعودية كلفته 1,1 بليون دولار يعتمد على لقيم الغاز.
لا شك في أن دراسات مشاريع الطاقة الصناعية ومحادثاتها وتنفيذها تتطلب الكثير من الوقت للإعداد الجيد لها. لكن من المعروف في الوقت ذاته أن العمل والشراكة في هذه المشاريع يمتدان لسنوات بل عقود. وتلعب هذه المشاريع العملاقة دوراً مهماً في التأثير في العلاقات بين الأطراف المشتركة. وخير مثال على ذلك تجربة تصدير الغاز الطبيعي عبر الأنابيب الطويلة المدى من حقول سيبريا الى الأسواق الأوروبية، ما ساعد في توطيد العلاقات الروسية – الأوروبية ،على رغم التحديات التي تواجهها والضغوط الأميركية حولها منذ بدء التفكير في تشييد هذه الخطوط في منتصف الثمانينات.

الحياة

Leave a Comment