News

العقوبات قيدت طموحات موسكو التوسعية

الولايات المتحدة، روسيا

الولايات المتحدة، روسيا

آن أبلباوم
أدرجت السلطات الروسية هذا الأسبوع بيل براودر على قائمة الانتربول للمجرمين «المطلوبين». وهذه هي المرة الخامسة التي تصدر فيها روسيا مذكرة اعتقال دولية بحقه. وبراودر رجل أعمال كان يعمل في روسيا. ورفع الانتربول هذه المذكرة من لوائحه يوم الخميس. هذه الخطوة، إدراجه على لائحة الانتربول، سلطت الضوء على مسألة لا يدركها المراقبون: عجلة العقوبات على روسيا تدور وتطبق على موسكو. وجريمة براودر في ميزان موسكو هي إقناعه الحكومة الكندية بـ «قانون ماغنيتسكي»، وهو مشروع قانون يفرض عقوبات على مسؤولين في دوائر الضرائب الروسية والشرطة متهمين بعملية احتيال واسعة، منها تغيير أسماء الشركات، وسرقة حساباتها المصرفية واستخدامها لسرقة المال من الدولة الروسية. واكتشف محامي براودر، الراحل سيرغي ماغنيتسكي، عمليات الاحتيال. فألقي القبض عليه، وحُقق معه، وحُبس، وضُرب، وحُرم من الرعاية الطبية ما أدى إلى وفاته. ومذ ذاك يسعى براودر إلى معاقبة المسؤولين عن وفاة ماغنيتسكي من طريق إغلاق المصارف الغربية في وجههم، وحرمانهم من الاستجمام في الغرب والحؤول دون دراسة أولادهم في الغرب.
ولا شك في أن الحكومة الروسية تصلي عقوبات ماغنيتسكي الكراهية، على رغم أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، استخف بها في سياق كلامه عن براودر في مؤتمر صحافي، وعلى رغم سعي المحامي الروسي الذي اجتمع بجاريد كوشنر (صهر ترامب) وبول مانافورت (المدير السابق للرئيس الأميركي) ودونالد ترامب الابن في حزيران (يونيو) 2016 لاطلاعهم على وثائق رسمية ومعلومات تدين هيلاري كلينتون، إلى رفع عقوبات قانون ماغنيتسكي.
وسارت إدارة أوباما على هدي عقوبات ماغنيتسكي في 2014، عندما فرضت عقوبات، بعد الغزو الروسي أوكرانيا (وضم القرم)، على رجال أعمال روس ومسؤولين معروفين بعلاقتهم الوثيقة ببوتين أو المسؤولين مباشرة عن سياسته في أوكرانيا. ولم تشمل العقوبات روسيا كلها، ولا الروس ولا قطاعات اقتصادية روسية واسعة. وبدا حينها أن العقوبات هذه قليلة وخطوة متأخرة لا ترتجى منها فائدة. ولكن العقوبات هذه، على خلاف التوقعات، أثمرت. فقوضت العقوبات وصمود الجيش الأوكراني عملية غزو روسيا أوكرانيا. وأخفق المخطط الروسي الرامي إلى تقسيم أوكرانيا وإنشاء دولة ناطقة بالروسية في الشرق، «نوفوروسيا». وعلى رغم أن الحرب مستمرة، تقتصر على الأقاليم الشرقية القصية. وعوض بروز «نوفوروسيا»، ولدت من رحم الغزو الروسي منطقة صغيرة خابية الأضواء، «جمهورية دونيتسك الشعبية». وأخفقت، إلى اليوم، محاولات موسكو إلغاء العقوبات من طريق ثني الأوروبيين عنها وزرع الشقاق بينهم لإسقاطها. وأدت الخطة الروسية، وهي قضت بدعم انتخاب دونالد ترامب آملة في رفعه العقوبات، إلى خلاف المرجو: التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية قيّد سياسة إدارة ترامب في العلاقات مع روسيا.
وفي الداخل الروسي، أغضبت العقوبات النخب. وبعض الغضب هذا موجه إلى أوروبا وأميركا وبراودر، ولكن بعضه الآخر موجّه إلى بوتين نفسه. ويقول رجال الأعمال الروس الذين لم يتأثروا مباشرة بالعقوبات إن أعمالهم صارت مقيدة، وهم يعرفون من يلومون. وانضمام كندا إلى أميركا في عقوبات ماغنيتسكي يعزز اقتناع رجال الأعمال الروس بأن الأمر لن ينتهي قريباً. والتشاؤم يتعاظم. ويشعر الروس بأن سياسة بوتين في أوكرانيا كانت خطأ يستحسن العودة عنه. خلاصة القول إن حسبان أن العقوبات غير مجدية لم يكن في محله، وأن إلغاء وزارة الخارجية الأميركية مكتب العقوبات، خطوة غبية.

«واشنطن بوست» الأميركية

Leave a Comment